PREGNANCY BIRTH

كــل مــا يــتــعــلــق بــالــقــانــون الإداري الــمــغــربــي

قضاء إداري - قرارات إدارية - عقود إدارية - دروس وقالات قانونية - نقاشات قانونية - تساؤلات - مساعدة - جديد الوظائق العمومية - أخبار قانونية وفقهية - والمزيد المزيد ....

من نحن

مسطــــــرة وشكـــــــل وآجــــــال دعـــــــــوى الإلغــــــــــاء

Unknown 0 تعليق 1:22 م


إعداد الطالب الباحث : نبيل البكوري
ماستـــرالقضاء والتوثيق

مقــدمــــة:
إن المشرع المغربي لم يعرف قضاء الإلغاء أو دعوى الإلغاء في القانون المحدث للمحاكم الإدارية.
وقد عرفها الفقه بأنها الوسيلة القضائية الوحيدة التي يستطيع الطاعن بواسطتها التوجه إلى جهة قضائية يطالب بإلغاء قرار غير شرعي صادر عن سلطة إدارية، فقضاء الإلغاء لم يكن له وجود في المغرب قبل الحماية وكان يطبق آنذاك القانون العام الإسلامي كما ‘رف آنذاك ما يسمى بوزير الشكايات أو والي المظالم الذي ينظر في الشكايات الموجهة ضد الإدارة ويتلقى التظلمات ضد رجال هذه الأخيرة وأيضا ضد أحكام القضاء غير العادلة.
وفي عهد الحماية أحدث الاستعمار الفرنسي محاكم متعددة وخص المحاكم العصرية بالنظر في تطبيق القوانين التي أحدثها، وبهذا كانت المحاكم تقتصر على البت في التعويض وهو من اختصاص المحاكم الابتدائية دون محاكم الصلح، وبهذا يمكن القول أن قضاء المسؤولية كان هو المظهر الوحيد للقضاء في المغرب حتى سنة 1928 وأمام الإلحاح المتزايد والاحتجاجات المقدمة للمقيم العام اضطرت الدولة الفرنسية إلى إصدار ظهير فاتح شتنبر 1928 الذي يقر اختصاص مجلس الدولة الفرنسي للنظر في دعاوى الإلغاء المرفوعة من لدن الموظفين ضد القرارات الإدارية المرتبطة بنظامهم الأساس والصادرة عن سلطات الحماية.
وكان أول إصلاح طرح بعد استقلال المغرب هو إعادة تنظيم الجهاز القضائي بصدور ظهير 27 شتنبر 1957 بمقتضاه أنشئ المجلس الأعلى إلى أن جاء قانون المحاكم الإدارية بمقتضى ظهير 1993 لإحداث محاكم إدارية متخصصة في المنازعات الإدارية خاصة دعوى الإلغاء و دعوى القضاء الشامل ثم تلاه قانون 03 – 80 سنة 2006 الذي أحدث محاكم استئناف إدارية.
ولرفع دعوى إلغاء قرار إداري مشوب بالانحراف في استعمال السلطة يجب احترام مجموعة من الشكليات سواء من حيث المسطرة أو الشكل أو الآجال التي حددها المشرع وإلا حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا دون النظر في الموضوع .
ولدراسة هذا الموضوع ارتأيت تقسيمه على الشكل التالي:
المبحث الأول: مسطرة وشكل دعوى الإلغاء
المبحث الثاني: آجال دعوى الإلغاء.
المبحث الأول: مسطرة وشكل دعوى الإلغاء
القرارات التي تصدر في حق الموظف لا تؤثر دوما بشكل إيجابي على مسار حياته الإدارية، فكثير من الأحيان تكون آثارها سلبا ليس هناك ما يبرره.
لذلك فإن المشرع أحاط الموظف بمجموعة من الضمانات حماية له من انحراف الإدارة في استعمال سلطتها القانونية وتستمد هذه الضمانات وجودها وقوتها القانونية من مبدأ المشروعية الذي يحتم على دولة الحق والقانون الخضوع لمختلف هيئات الأحكام القانونية الجاري بها العمل.
ومن بين أهم هذه الضمانات الممنوحة للموظف حقه في الطعن في القرارات الإدارية التي يعتبرها متسمة بالشطط، ومن ثم يمكنه أن يختار بين مسطرتين: الأولى مسطرة إدارية (المطلب الأول) أو اللجوء مباشرة إلى الرقابة القضائية وفق الشكل الذي حدده المشرع قانونيا.
المطلب الأول: مسطرة دعوى الإلغاء
من المعلوم أن الفصل 14 من ظهير 27 شتنبر 1957 [1]الملغى حاليا كان ينص على إجبارية استعمال الطعن الإداري، حيث جاء فيه: لا يقبل أي طلب بإلغاء قرار صادر على السلطة الإدارية من أجل استعمال السلطة إلا إذا تقدمه طعن إداري في القرار المذكور لدى السلطة التي تعلو مباشرة تلك التي صدر عنها، وإن لم توجد سلطة أعلى يقدم الطعن الإداري بصورة استعطاف لإعادة النظر في القرار إلى السلطة التي أصدرته نفسها.
وكان يراد بهذا الحكم إلزام الطاعن بمحاولة جعل الإدارة ترجع في قرارها بالالتجاء إلى نفوذ السلطة التسلسلية العليا أو كيفما كان الحال لحمل السلطة الإدارية على إعادة النظر في القرار المنازع فيه[2] . لاسيما إذا اقتنعت بحقية المدعي في طلباته وبعدم مشروعية قرارها.
وأيضا حل النزاع بشكل ودي قبل طرق باب القضاء الذي كان يخشى في هذه الحالة تراكم الملفات أمام القضاء وفي ذلك يقول الدكتور سليمان الطماوي: فقد رأى المشرع بحق أن الأفراد لو لجأوا إلى الإدارة قبل التجائهم على مجلس الدولة لأمكن حل كثير من الإشكالات وديا وفي وقت أقصى وبدون إنفاق التكاليف التي يستلزمها الطريق القضائي ذلك أن صدور القرار الإداري معيبا لا يعني حتما أن الإدارة قد قصدت أن يكون كذلك، وحتى ولو أن مصدر القرار أراد هذه النتيجة، فإن القانون في معظم الأحوال قد أقام سلطة رئاسية تملك تعديل المرؤوس وإلغائها، وقوف هذا فإن التظلم للإدارة يؤدي إلى نتائج لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق التظلم القضائي فرقابة القضاء في جميع الحالات هي رقابة مشروعية، أما الإدارة فإنها تستطيع أن تعدل القرار أو تلغيه لمجرد عدم ملاءمته... إلخ[3] .
وبطبيعة الحال عمل المجلس الأعلى على تطبيق هذا المبدأ بضرورة تقديم الطعن الإداري منذ حكم كيرا سنة 1959 وحكم شفريي بنفس السنة، حيث إنه من: "الثابت على أن دعوى الإلغاء ضد مقرر الكاتب العام للحكومة قدمت مباشرة أمام المجلس الأعلى دون أن يسبقها طعن إداري رئاسي موجه للسلطة العليا أو في حالة عدم وجودها طعن استعطافي للسلطة الإدارية التي أصدرت المقرر..."[4] .
إلا أنه بالرغم من كل ذلك يمكن القول أن المشرع المغربي أحسن صنعا حينما قرر بعد إصلاح 1974 التخلي عن إجبارية تقديم التظلم الإداري، تاركا المجال واسعا للمتضرر حسب مصلحته في كيفية التعامل مع القرار الموجه إليه، فيما إذا كان يرغب سلوك مسطرة التظلم الإداري أولا أو اللجوء مباشر إلى القضاء كما يستشف ذلك كم خلال الفقرة الثالثة من الفصل 368 من قانون المسطرة المدنية: "غير أنه يمكن للمعنيين بالأمر قبل انصرام الأجل المحدد للطعن النزاعي أن يرفعوا تظلما استعطافيا إلى السلطة التي أصدرت المقرر أو إداريا إلى السلطة التي تعلوها مباشرة، ويمكن في هذه الحالة تقديم الطلب على المجلس الأعلى خلال ستين يوما ابتداء من يوم تبليغ مقرر الرفض الصريح كليا أو جزئيا للطعن الإداري الأولي".
وهكذا أصبح الطعن الإداري مجرد إمكانية يستعملها الطاعن كلما بدا له ذلك ملائما[5]، إلا أنه يجب أن يوجه هذا التظلم إلى من أصدر القرار أو إلى رئيسه بعد أن يصبح نهائيا وقبل أن يتحصن بفوات 60 يوما من تاريخ نشرها وتبليغه أو العلم به علما يقينيا. وقد أكد المجلس الأعلى أن سريان أجل تقديم التظلم التمهيدي يبتدئ من يوم حصول المعني بالأمر على علم تام يقيني بفحوى المقرر المطعون فيه وبما يبرره من أسباب[6].
وهذا التظلم أو الطعن الإداري يتخذ عدة أشكال:
أ ـ التظلم الرئاسي: يقوم به المعني بالأمر من خلال توجيه طلب إلى المسؤول الإداري عن القرار لتبصيره ببعض ما شاب قراره من عيوب ومخالفات للقانون، ويطلب منه إعادة النظر في قراره وفقا لمبدأ المشروعية[7].
ب ـ الطعن الاستعطافي أو الاسترحامي: وهو الطعن الموجه مباشرة إلى من اصدر القرار على أنه أعلى سلطة إدارية مختصة بإصدار القرار موضوع الطعن، ويعتبر الطعن مفتوحا ضد جميع القرارات ولو في غياب نص[8].
وهكذا ففي المغرب فرغم عدم إمكانية الطعن القضائي ضد قرارات جلالة الملك بناء على اجتهادات متعددة للغرف الإدارية بالمجلس الأعلى، فإنه يمكن للمعني بالأمر التقدم باستعطاف إلى جلالة الملك، ومن ذلك على سبيل المثال: ما جاء في قرار المجلس الأعلى في قضية مزرعة عبد العزيز: "... وأن المقررات الصادرة عن جلالة الملك لا يمكن إعادة النظر فيها بلجوء صاحب الشأن إلى جلالته على سبيل الاستعطاف طالما لم يفوض الدستور صراحة أمر البت في ذلك لغيره[9].
ج ـ الطعن الموجه إلى سلطة الوصاية: في إطار التنظيم اللامركزي تخضع السلطات اللامركزية في بعض أعمالها إلى مراقبة سلطة الوصاية التي تراقب مطابقة أعمالها للقانون، وتبعا لذلك يمكن التظلم ضد بعض أعمالها مباشرة. وهذا يتميز عن الطعن الإداري الاستعطافي السابق والموجه إلى السلطة الإدارية العليا المكلفة بممارسة الوصاية عليها مثلا الجماعات المحلية ومجالس العمالات والأقاليم تخضع لوصاية وزير الداخلية أو السلطة التي فوض لها وزير الداخلية هذا الاختصاص، والمؤسسات الجامعية أيضا تخضع لوصاية السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي.
ويتميز الطعن الموجه إلى سلطة الوصاية عن الطعن الرئاسي، وذلك لأن سلطة الوصاية الموجه إليها الطعن ليست رئاسية للهيئة المرفوع ضدها الطعن[10].
وللإشارة فإن الطعن الإداري ليس اختياريا كليا، إذ يمكن أن يكون إجباريا كما أكد ذلك المقطع الرابع من الفصل 360 من المسطرة المدنية لسنة 1974 والذي أكد هو الآخر ما كان ينص عليه المقطع الرابع من الفصل 14: إذا كانت النصوص التنظيمية الجاري بها العمل تنص على مسطرة خصوصية للطعن الإداري، فإن طلب الإلغاء لا يقبل إلا بعد اتباع المسطرة المذكورة.
وتبعا لذلك فإنه على سبيل المثال لا يمكن التوجه بدعوى الجماعات المحلية أو المجالس أو العمالات والأقاليم قبل رفع مذكرة أولية إلى وزير الداخلية أو إلى السلطة التي فوض إليها ذلك، كما نص على ذلك الفصل 43 من ظهير 30 شتنبر 1976 الخاص بالتنظيم الجماعي والفصل 71 من ظهير سبتمبر 1963 الخاص بالعمالات والأقاليم ومجالسها. وهو ما صدر عن المجلس الأعلى في قضية مزيان بوشتى ضد وزير الداخلية: لا يقبل الطعن في قرارات البلدية التي يطالب الطاعن بحمل الأنقاض الناتجة عن بقايا الهدم الذي كان موضوع القرار البلدي رقم: 105 وذلك حتى تتمكن البلدية من إنجاز عملها المتعلق بفتح الخط الرابط بين شارع النصر وشارع 2 من تجزئة كايمو وذلك خلال أجل لا يتعدى 5 أيام على أنه لم يقم بالمطلوب قامت به البلدية مقامه على نفقته لأن الطاعن لم يوجه رسالة على وزير الداخلية[11].
وأخيرا لكي يكون طلب التظلم الإداري[12] سليما يتوجب أن يتضمن بعض البيانات منها[13]:
ـ اسم رافع التظلم وعنوانه وصفته.
ـ الإشارة إلى تاريخ صدور القرار وتاريخ نشره أو تبليغه أو العلم به علما يقينيا.
ـ بيان موضوع القرار ومرتكزاته الإدارية والقانونية والواقعية وتعزيز ذلك بالوثائق اللازمة.
احترام آجال تقديم التظلم كما هي محددة في القانون.
وعليه وبعد التعرف على أحكام التظلم الإداري وقواعده يمكن القول إن النتيجة الطبيعية لهذه الوسيلة القانونية هي: إما قبوله وبالتالي الاستجابة لطلب التظلم ورفع الحيف والتعسف، وإما أن الإدارة ترفض التظلم صراحة أو ضمنيا، الأمر الذي يفتح أمام المتظلم الطريق إلى القضاء.
المطلب الثاني: شكل دعوى الإلغاء
لكي يتسنى للقاضي النظر في جوهر القضية يتطلب من رفع الدعوى أن يحترم مجموعة من الشكليات سواء على مستوى مقال الدعوى (أ) أو المؤازرة بالمحامي (ب) والتي نجد أساسها في ظهير 1957 والمسطرة المدنية والقانون المنظم للمحاكم الإدارية المحدث 1993.
لقد نص المشرع المغربي في المادة السابعة من قانون المحاكم الإدارية على أن القواعد المقررة في ق م م تطبق أمام المحاكم الإدارية ما لم ينص قانون خاص على ذلك، مخالفا بعض التشريعات التي خصصت للقضاء الإداري مسطرته الخاصة به كالتشريع الفرنسي مثلا[14].
أ ـ مقال الدعــوى:
تنعقد دعوى الإلغاء بتقديم عريضة كتابية إلى المحكمة الإدارية أو المجلس الأعلى لأن في ذلك دليل على نية المدعي فبالعودة إلى المادة الثالثة من قانون المحاكم الإدارية والفصل 354 ق م م يمكن القول أن المشرع نص وجوبا على ضرورة سلوك المسطرة الكتابية، إذ لا تقبل أية دعوى لم تتم بواسطة مقال مكتوب[15].
ويشترط في هذا المقال أن يكون مستوفيا للبيانات المنصوص عليها في الفصل 32 - 355 من ق م م الذي يقضي بضرورة توفر مقال الدعوى أو المحضر أو العريضة على الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموكن وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال اسمها ونوعها ومركزها، كما يجب أن يبن بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوة والوسائل المثارة وترفق بالطلب والمستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء ...[16].
وأيضا يجب أن يكون طلب الإلغاء بسبب تجاوز في استعمال السلطة مصحوبا بنسخة من القرار الإداري المطلوب إلغاؤه، وإذا سبقه تظلم إداري يتعين أن يصحب طلب الإلغاء أيضا بنسخة من القرار الصادر برفض التظلم أو بنسخة من وثيقة تشهد بإيداع التظلم إن كان رفضه ضمنيا كما نصت على ذلك المادة 21 من قانون 90 – 41، أما فيما يتعلق بالقرار الشفوي، فإنه يمكن للمدعي أن يبين في مقاله صعوبة إرفاقه بنسخة من هذا القرار لكونه كان شفويا[17]. ويودع المقال بكتابة الضبط بالمحكمة الإدارية أو بالمجلس الأعلى بحسب الأحوال حيث يسلم كاتب الضبط هذه المحكمة وصلا بذلك.
وبإحداث محاكم الاستئناف الإدارية بموجب القانون رقم 03 – 80 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 07 – 06 - 1 المؤرخ في فبراير 2006 أصبح بإمكان طالب الإلغاء استئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية لتحل محل الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى. وتخضع هذه المحاكم بصورة عامة للقواعد المنصوص عليها في ق م م
وقانون المحاكم الإدارية[18].
لكن يبقى السؤال مطروحا حول مصير الدعاوى التي ترفع دون احترام الشكليات المنصوص عليها سابقا؟.
في هذا الصدد عمل القضاء الإداري المغربي على إصدار العديد من الأحكام المتسمة بعدم قبول طلب الطعن، ففي ملف عدد 39.566 بتاريخ 18 ديسمبر 1974 رفضت المحكمة الإدارية الطعن لأن المقال لا يتضمن أسماء الطاعنين أو على الأقل اسم من ينوب عنهم...[19].
وهو نفس الحكم الذي صدر عن المحكمة الإدارية بوجدة لأنه لم يرفق مقاله بنسخة من القرار الإداري المطعون فيه: "وحيث إن الطاعن لم يرفق مقاله بنسخة من القرار الإداري المطعون فيه خاصة وأنه يشير في رسالته المؤرخة في 14 - 16 /1994 إلى وجود هذا القرار مما يكون بذلك مخالفا لمقتضيات الفصل 21 من ظهير 41 – 90"[20].
والملاحظ من هذه الأحكام وغيرها أن المشرع المغربي يقضي بعدم قبول الدعوى (شكلا) غير المستوفية أحد البيانات بالرغم من أنه يحيل على م م خاصة في الفصل 32 الذي يقضي بأنه "يطلب القاضي عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها". وبالتالي حفاظا على مصالح رافع الدعوى نرى أنه يجب على القاضي الإداري التنبيه على البيانات الناقصة أو غير التامة أو التي وقع إغفالها من أجل تكميلها وتصحيح المسطرة لأنه لا يعقل رفض الدعوى بسبب بعض الشكليات البسيطة.
ب ـ ضرورة مؤازرة المحامي: يجب أن يكون مقال دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة موقعا من طرف محامي مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، أو من قبل أحد المدافعين المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى (الفصل 354 ق م م )[21].
ويجعل المشرع هذا الشرط جوهريا إذ يشير في الفقرة الثانية من نفس الفصل على أنه يمكن للمجلس الأعلى عند عدم تقديم مقال أو تقديمه موقعا عليه من طرف طالب النقض نفسه أو من طرف مدافع لا تتوفر فيه الشروط المقررة أن يشطب على القضية من غير استدعاء الطرف، ونذكر على سبيل المثال الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بوجدة قسم الإلغاء بتاريخ 26 – 5/1995 : "وحيث إن المحكمة قد أندرت المدعي بتصحيح المسطرة وبضرورة الاستعانة بمحام ورغم ذلك لم يمتثل، وحيث إنه بناء على ذلك يبقى مقال المدعي معيبا شكلا لمخالفته مقتضيات المادة 3 من قانون 90 – 41".
ولعل المشرع هنا يعتبر أن الأمر يتعلق بمناقشة قضايا قانونية تتعلق بشرعية قرارات إدارية، وبالتالي لابد من عرضها للنقاش بواسطة أشخاص مختصين يرى المشرع أن المحامين المقبولين لدى المجلس الأعلى يتوفرون على تلك الخاصية[22]، وهو نفس موقف المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 9 ماي 1959 .
أما المشرع الفرنسي فنجده من خلال مرسوم 2 نفمبر 1864 أنه تخلى عن إلزامية مؤازة المحامي من أجل الإلغاء لفتح المجال أكثر أمام المواطنين لمراقبة الإدارة عن طريق القضاء.
إلا أننا نرى أن مؤازرة المحامي في هذه الدعوى أمر ضروري لجهل الناس بالقانون خصوصا وأن المشرع فتح إمكانية المساعدة القضائية طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال[23].
المبحث الثاني: آجال رفع الدعوى
حرصا من المشرع على استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية حدد مددا معينة يتوجب على الطاعن الالتزام بها، وهذه المدد من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ولا يجوز بعد فواتها أن يقبل القضاء الطعن الموجه ضد القرارات، إذ تصبح هذه القرارات حصينة على الإلغاء سعيا منه التوفيق بين المصلحة الخاصة للطاعن والصالح العام، فالمصلحة الخاصة تقتضي أن يمنح المشرع الأفراد وقتا كافيا للطعن في القرارات الإدارية، بينما يتطلب الصالح العام أن لا تطول هذه القرارت الإدارية، لذلك نجد المشرع غالبا ما يعمد على تحديد مواعيد قصيرة الأجل[24]، ما عدا بعض الاستثناءات التي يجوز فيها للقضاء قبول بعض طلبات الطعن بعد فوات هذا الأجل. وعليه سنخصص هذا المبحث للحديث عن ميعاد أجل الطعن في (المطلب الأول) ثم الحالات التي يمكن خلالها تمديد قبول طلبات الطعن خارج الأجل (المطلب الثاني).
المطلب الأول: ميعاد أجل الطعن
إن المدة التي يملكها رافع دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة في المغرب هي 60 يوما سواء رفعت أمام المحاكم الإدارية أو المجلس الأعلى بناء على الفقرة الأولى من الفصل 360 من ق م م : "تقدم طلبات إلغاء مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة داخل أجل 60 يوما من نشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه". وهو ما أكده قانون رقم 90 – 41 المحدث بالمحاكم الإدارية في المادة 23 : "يجب أن تقدم طلبات إلغاء القارارت الصادرة عن السلطات داخل أجل 60 يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر".
إذن فسريان الطعن ضد القرارات الإدارية اتجاه المعنيين به يبدأ بمجرد ما يتوصل به إما عن طريق النشر أو التبليغ كما هو مقرر في النصوص السابقة أو بواسطة العلم اليقيني كما ورد في الاجتهاد القضائي.
أ ـ النشــر: يقصد بوسيلة النشر إخبار المعنيين بالمقررات الإدارية التنفيذية المتخذة ضدهم، وتعتبر بمثابة نموذج إشهاري غير شخصي، معناه إخطار عدد من الأفراد غير محددين ولا تعرف هويتهم[25].
وبما أن المشرع لم يفرض شكلية معينة لعملية النشر إلا في بعض الحالات كأن ينص على انفراد الجريدة الرسمية بالنشر، فإنه يمكن الاعتداد بأي وسيلة تؤدي المقصود منها كتلصيق مضمون القرار في سبورة وفي أمكنة معينة أو في المناداة في ساحات عمومية أو نشره في الصحف الوطنية والمحلية أو قراءة مضمونه عبر الوسائل السمعية والبصرية مثلا اعتمادا على ما سار عليه اجتهاد المجلس الأعلى في قرار إدريس بن عبد النبي الصادر بتاريخ 26/11/1962 المنشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى لسنة 61 – 65 والذي بلغ إليه قرار الطرد عن طريق الراديو وكذا في قرار ليلى بنت محمد بنسودة الصادر بتاريخ 17/07/1974 في الملف الإداري عدد 44720 والذي جاء فيه ما يلي: "حيث طلبت الآنسة ليلى بنت محمد بنسودة بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء المقرر الشفوي الصادر عن السيد وزير السياحة بتاريخ 17/15/1973 القاضي بطردها من عملها بالوزارة المذكورة ذلك أنها التحقت بتلك الوزارة كموظفة في فاتح 1973 وبتاريخ 17 مايو من نفس السنة وبدون سابق إنذار ولا سبب معروف استدعاها السيد المسؤول عن قسم الموظفين بالوزارة وأبلغها قرارا شفويا بطردها، وحيث إن الوزارة لم تطلعها على ما نسب إليها من خطإ ولم تتح لها فرصة الدفاع عن نفسها مما يجعل القرار متسما بالشطط في استعمال السلطة.
وقد اعتبرت محكمة الاستئناف أيضا بالرباط في حكمها الصادر في 10 فبراير 1960 أن خطاب العرش لسنة 1959 الذي جاء فيه أمر بحل الحزب الشيوعي المغربي باعتباره مخالفا لمبادئ الشريعة الإسلامية، والذي ألقي على أمواج الإذاعة اعتبرته المحكمة المذكورة منشورا نشرا صحيحا رغم أنه لم ينشر عن طريق الجريدة الرسمية[26]. وبالنسبة لموقف المجلس الأعلى فإنه يرى أن النشر في الجريدة الرسمية لا يعتد به إذا كان المقرر الإداري متعلقا بعدد محدود من الأشخاص تعرف هويتهم. بل المعمول به هو تاريخ المقرر للمعني بالأمر[27].
ولكي يؤدي النشر مهمته على أحسن وجه ينبغي أن ينشر القرار الأشياء الجوهرية حتى يتسنى لذوي المصلحة الإلمام بمحتوياته، لأن الاحتجاج لا ينبغي أن يتجاوز القدر المنشور ولأن نشر جزء منه يحمل الإدارة كافة النتائج السلبية لهذا النشر المبتور، وبالتالي فلا يمكن أن يحتج قبل تاريخ نشره ولذلك تسقط سريان قاعدة الأجل.
وهذا ما قرره مجلس الدولة المصري: ... إذا كان الإعلان (يقصد النشر) وقد ورد مجملة خالية من أي بيان مما لا يتسنى معه المدعين العلم بتفاصيل المشروع ومحتوياته وتقدير وجه اتصاله بهما ومساس بمصلحتيهما، فلا يكون النشر والحالة هذه مجديا في حساب ميعاد رفع الدعوى ... إلخ[28].
ويجب من ناحية أخرى أن يتم النشر عقب استيفاء القرار لكافة مراحله فإذا نشر قرار من سلطة محلية قبل أن تصادق عليه سلطة وصاية فإن هذا النشر يعتبر عديم القيمة فيما يتعلق ببدء سريان المدة في احتساب أجل الطعن[29].
فالفقرة الأولى من الفصل 51 من القانون المنظم للجماعات المحلية تنص: "إن القرارات التي يتخذها المجلس الجماعي عملا بالفصلين 42 (الفقرة الثالثة) أو 44 يجب كي تكون قابلية للتنفيذ أن تحمل تأشيرة وزير الداخلية أو الشخص المفوض إليه من طرفه".
التبليــــغ:
ويقصد به إخبار الأشخاص بصفة شخصية بالقرارات الفردية التنفيذية المتخذة ضدهم من قبل السلطات الإدارية[30]، والقاعدة هنا أن الإدارة ليست ملزمة باتباع وسلة معينة لكي تبلغ الفرد أو الأفراد بالقرار، فقد يكون ذلك عن طريق محضر أو عن طريق أي موظف إداري آخر، وقد يكون تبليغ الفرد بأصل القرار أو بصورة منه.
وإلى كل هذه المعاني أشارت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 8 ديسمبر 1963، حيث تقول: "الإعلان هو الطريقة التي تنقل بها جهة الإدارة القرار الإداري إلى فرد بعينه أو أفراد بذواتهم من الجمهور، والأصل هنا أن الإدارة ليست ملزمة باتباع وسيلة معين على تبليغ الفرد أو الأفراد بالقرار...".
ولا يعتبر التبليغ بالبريد المضمون صحيحا إلا إذا كان مرفقا بشهادة الإشعار بالتسليم موقعا عليه من طرف المرسل إليه وإلا اعتبر التبليغ لاغيا[31].
ولكن هل من اللازم أن يكون التبليغ كتابة؟ لقد أصدر مجلس الدولة الفرنسي أحكاما متعارضة في هذا الصدد لاسيما في أحكامه القديمة، فهو في بعضها يعتمد التبليغ الشفاهي كنقطة لبدء مدة الطعن، ويشترط في بعضها الآخر أن يكون التبليغ كتابة. ولكن يبدو أن أحكامه الحديثة تميل إلى الاتجاه الأول.
وفي المغرب نجد المجلس الأعلى يسير في هذا الاتجاه والاعتراف بالتبليغ الشفهي ومن ذلك حكم عدد 252 بتاريخ 26 نونبر 1962 عن إخبار مفتش الشرطة بفصله عن وظيفته بدون مبرر بواسطة مكالمة بالراديو وتم إثباتها في محضر كتابي يعتبر تبليغا قانونيا بالقرار المطعون فيه.
"وحيث إنه على العكس مما يدعيه الطاعن تم تبليغه بالقرار المشار إليها أعلاه في 10 فبراير 1957 كما يؤكد ذلك المحضر الكتابي الذي حضره ضابط الشرطة... وأن الواقع لم ينازع فيها الطاعن وهي كونه لم يخبر بقرار الفصل سوى عن طريق الاتصال بالراديو الذي أعلن عن الإجراء المذكور وهو ما لا يعتبر أقل من التبليغ القانوني للقرار المطعون فيه .
وبهذا الحكم استبعدت الغرفة أي شكلية لتبليغ قرار إداري فردي، فالتبليغ يعتبر قانونيا وكافيا عندما يتيح للطاعن معرفة هدف ومضمون ومستوى القرار وليست للطريقة التي تتبعها الإدارة لإعلام الموظف بالإجراء الذي سبب له ضررا أهمية كبرى وفي النازلة فالمعني بالأمر تم إعلامه بواسطة الراديو تم ذلك بوضوح بشكل يجعله تبليغا قانونيا... ورغم ذلك يجب على الإدارة أن تثبت تاريخ التبليغ[32]. 
أما القرارات الإدارية التي تبلغ للأشخاص المعنوية فهي تتم في المقر الاجتماعي للشركة وبين يدي ممثليها الشرعيين[33].
وحتى يعتد بهذا التبليغ كوسيلة للعلم يجب أن يحتوي على كافة العناصر الضرورية التي تسمح لذي الشأن معرفة شكل ومعنى ومدى تاريخ هذا القرار وإلا ظل باب الطعن بالنسبة إليه مفتوحا[34] كما صدر عن المحكمة الإدارية بالرباط: "حيث إنه ليس بالملف ما يفيد تبليغ القرار المطعون فيه للطاعنين مما يجعله مقدما داخل أجل مفتوح...[35] .
العلم اليقيني: هي وسيلة من ابتكار الاجتهاد القضائي، ويبدأ سريان ميعاد الطعن بالإلغاء من تاريخ العلم اليقيني الذي يحصل في الحالة التي يكون فيها المعني بالأمر عالما بمضمون القرار المطلوب إلغاؤه وتاريخ صدوره و تعليله. 
وفي هده الحالة يعد العلم اليقيني بمثابة التبليغ من حيث احتساب أجل الطعن، ويقع إثبات العلم اليقيني في حالة المنازعة على عاتق الإدارة مصدرة القرار[36].
ومن ثم نجد المحكمة الإدارية بمكناس رفضت طلب الإلغاء الذي تقدم به كل من كوطاريل ميشال عبد الله ومملوك سعيدة بتاريخ فاتح يونيو 1994 تحت عدد 8353 والقاضي بإلغاء كفالة الطفلين عصام وهند مع إرجاعهما إلى مستشفى محمد الخامس بمكناس مبينين أن القرار المذكور لم يبلغ إليهما بعد ... وبناء على مذكرات جواب السيد والي مدينة مكناس المؤرخة في 6 يونيو 1994 والتي تقدم بها دفاعه والتي عرض فيها أن الطعن قدم خارج الأجل القانوني وهو 60 يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر طبقا للفصل 23 من ظهير 90 – 41 المنظم للمحاكم الإدارية ذلك لأن القرار الصادر بتاريخ 22/10/95 وبلغ إلى المعنيين بالأمر في نفس اليوم ولا يمكن أن ينكرا ذلك باعتبار أن تصريحهما المنشور بجريدة أنوال في عدد 20 و21 مارس 1994 ، ص 5 الذي ورد فيه حرفيا على لسان السيدة مملوك سعيدة: "وبعد أن توصلت من السيد العامل برسالة يخبر فيها بنزع الحضانة وإعادة الأطفال إلى المستشفى...." إلخ.
لذا كان حكم المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا لوقوعه خارج الأجل نتيجة التصريح التي تقدمت به في جريدة أنوال مما يفيد علمها اليقين بالقرار، فنصت المحكمة: "وحيث أنه بمقارنة تاريخ نشر تصريح المدعية بجريدة أنوال الذي هو 21/03/1994 وتاريخ تقديم الدعوى هو 1 يونيو 1994 يتبين أن الطعن قدم خارج الأجل القانوني الذي هو 60 يوما من تاريخ العلم، لذلك أنه إذا كانت المادة 23 من قانون 90 – 41 تتحدث فقط عن واقعتي النشر والتبليغ لبدء سريان الطعن فلس معنى ذلك الاقتصار على هذين العنصرين بل العبرة بعلم المعني في فحوى القرار، إذ الغاية من النشر هو حصول العلم فمتى حصل العلم ولو بغير طريقهما فتكون الغاية قد تحققت، وهذا هو مجمل نظريات العلم اليقين الذي أخذت بها الغرفة الإدارية في الكثير من قراراتها...". [37]
وقد أقر مجلس الدولة المصري أيضا فكرة العلم اليقيني وقد قيدها بشروط تتضمن الاحتفاظ بمصالح الأفراد بحيث لا تسري المدة بالنسبة إليهم إلا وهم يعلمون على سبيل اليقين بالقرار المطعون فيه كما لو كان قد أعلن إليهم، فالمجلس يستوجب أن يكون هذا العلم حقيقا بمؤدى القرار ومحتوياته لا ظنيا ولا افتراضيا[38].
وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد أحكامه أن العلم اليقيني لا يقوم مقام التبليغ إلا إذا شمل جميع عناصر المقرر المطلوب إلغاؤه بما فيها تاريخه وتبيين صاحبه وما قضى به والأسباب التي ارتكز عليها حتى يتأتى للمعني بالأمر أن يستعمل حقه في الدفاع عن مصالحه[39].
المطلب الثاني: حالة امتداد أجل الطعـن
على الرغم من أن القانون حدد مدة الطعن وجعلها 60 يوما من تاريخ النشر أو التنبليغ أو العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه، فإنه أجاز رفع الدعوى خارج الآجال كحالة استثنائية منها:
أ ـ القوة القاهرة: جرى مجلس الدولة الفرنسي منذ أمد بعيد على أن القوة القاهرة بمعناها المتفق عليه تؤدي إلى وقف المدة، بحيث لا تبدأ في السريان إلا بغد زوال هذه القوة القاهرة التي تحول بين ذي المصلحة وبين رافع دعوى الإلغاء لأنه ليس من المصلحة العامة أن تستقر الأوضاع على أساس قرارات معيبة ولأنه كان من المستحيل على ذي المصلحة أن يطلب إلغاؤها... ولقد اعتنق مجلس الدولة المصري هذا الرأي أيضا في حكمها في 10 مايو 1951[40].
أما اجتهاد المجلس الأعلى فهو بدوره يأخذ بالقوة القاهرة حيث في إحدى حيثيات الحكم : ... إن تقديم الطعن يقع داخل الأجل إلا في حالة عجز بدني"[41]. وفي قرار آخر نصت: "... ما عدا في حالة الاستحالة المادية فإن الطعن المسبق ينبغي أن يشكل داخل شهرين من تاريخ نشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه"[42].
وهذا الامتداد قد يكون سببه كل الظروف المادية والمعنوية التي يعاني منها الفرد والتى يستحيل معها رفع دعوى الإلغاء أو التقديم بتظلم إداري كحالة المرض المعصي أو وجود المعني بالأمر معزولا في منطقة معينة أو بسبب الظروف الطبيعية ... بل قد يعتبر تغيب الفرد عن أرض الوطن سبب من أسباب امتداد أجل رفع دعوى الإلغاء إذا تبين أنه كان في وضعية يستحيل معها رفع هذه الدعوى[43]، ومن ثم فإن سريان مدة طلب الإلغاء لا تستأنف إلا من تاريخ زوال الظروف الطارئة مع التنبيه على أن الفترة التي انقضت من مدة الطعن بالإلغاء قبل حدوث القوة القاهرة لا تسقط من حساب هذه المدة[44].
المساعدة القضائية: يوقف آجال الطعن ابتداء من تاريخ تقديم المساعدة القضائية إلى كتابة الضبط بالمجلس الأعلى أو المحكمة الإدارية، ويسري الأجل من جديد من يوم تبليغ الجواب للمعني بالأمر وهو ما نصت عليه المادة 358 من ق م م : "يوقف آجال الطعن ابتداء من إيداع طلب المساعدة القضائية بكتابة ضبط المجلس الأعلى ويسري هذا الأجل من جديد من يوم تبليغ مقرر مكتب المساعدة القضائية للوكيل المعين تلقيا ومن يوم تبليغ قرار الرفض للطرف عند اتخاذه". ففي قضية الإدريسي الحسني أكدت الغرفة الإدارية أن طلب الطاعن قدم داخل الآجال القانونية ما دام قد رفع في ظرف أقل من شهرين من تاريخ تبليغ قبول المساعدة القضائية[45] .
التظلم الإداري: كما سبقت الإشارة فإن أجل رفع التظلم الإداري يجب أن يوجه داخل 60 يوما من تاريخ نشره أو تبليغه أو العلم به علما يقينيا، في هذه الحالة فإن طلب المساعدة القضائية لا يوقف أجل التظلم الإداري وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قضية س ضد مدير الشبيبة والرياضة: "طلب المساعدة القضائية لا يوقف سريان أجل التظلم الإداري التمهيدي"[46] .
كما أنه قد تثار إشكالية في حالة تقديم المساعدة القضائية والطعن الإداري في نفس الوقت، فهل يعتد في حساب أجل تقديم دعوى الإلغاء على تاريخ رفض الطعن الإداري أو تاريخ الجواب على طلب المساعدة القضائية؟ لا شك أن الاعتماد على الحالة الثانية هي التي ستمكن الطاعن من ممارسة دعوى الإلغاء.
كما أنه قد يتقدم طالب الإلغاء بعدة طلبات من أجل إلغاء المقرر الصادر عن الإدارة عن طريق التظلم الإداري، وبالتالي فأي الأجلين يدخل في حساب المدة؟ هنا جاء في إحدى حيثيات حكم المحكمة الإدارية: "دأب الاجتهاد القضائي على أن المعول عليه في حساب أجل الطعن هو أجل التظلم الأول لأن السماح بقطع ميعاد رفع الدعوى باسترسال التظلمات يحول دون استقرار الأوضاع الإدارية ويجعل المخاطبين بالقرار يمددون آجال الطعن بتجديد التظلمات وفق رغباتهم إلى ما لا نهاية مما يفرغ نظرية تحديد الآجال من محتواها ويتعارض والغاية من تشريعها[47].
إن أقصى مدة للجواب على الطعن الإداري هي 60 يوما كما هو منصوص عليه في حالة سكوت الإدارة، غير أن قانون المحاكم الإدارية سمح بمد هذه المدة إذا كانت السلطة الإدارية هيئة تداولية تصدر قراراتها بتصويت أعضائها، حيث يمتد الأجل إلى نهاية أول دورة قانونية لإيداع التظلم (م 23 من ق م أ)، إلا أن اختيار الطاعن لمسطرة التظلم الإداري لا يحول دون قبول الدعوى المرفوعة قبل انصرام أجل 60 يوما لجواب الإدارة[48].
رفع دعوى أمام محكمة غير مختصة: تنص المادة 25 من ق م إ على أن أجل قبول طلب إلغاء قرار إداري بسبب تجاوز السلطة ينقطع إذا رفع إلى جهة قضائية غير مختصة ولو كانت في المجلس الأعلى على أن يعود سريان الأجل – فيما تبقى له من المدة- ابتداء من تاريخ تبليغ المدعي الحكم الصادر نهائيا بتعيين الجهة القضائية المختصة.
وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن دعوى الإلغاء يحتسب كاملا طبقا للفصل 512 مـن ق م م الذي تقضي فقرته الثانية أنه ... إذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم بعده.
[1] ـ الظهير المؤسس للمجلس الأعلى.
[2] ـ إدريس البصري، أحمد بلحاج، جان كرانيون، ميشال روسي، القانون الإداري المغربي، المطبعة الملكية الرباط، الطبعة1 – 1998، ص:
[3] ـ سليمان محمد الطماوي: القضاء الإداري - قضاء إلغاء الكتاب الأول، دار الفكر ، ط.1976، ص:
598 – 599.
[4] ـ حسن صحيب: القضاء الإداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، مطبعة دار النشر المغربية، عدد 80 – 2008، ص: 283.
[5] ـ ادريس البصري - أحمد بلحاج... جان كرانيون، ميشال روسي،المطبعة الملكية، ط.1، 1988.
[6] ـ حكم عدد 37 تاريخ 10 / 7/ 19970 أورده عبد الله حداد، دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ودورها في حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق 1980 ، ص: 103.
[7] ـ مسطرة الطعن في القرارات الإدارية (WWW. Khayma . Com).
[8] ـ عبد القادر باينة: الرقابة على أعمال الإدارة ، المجلة المغربية للقانون والسياسية، الدار البيضاء/ عدد 17، سنة 1996.ص: 31.
[9] ـ أحمد البخاري، أمينة جبران: اجتهادات المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية مع التعليق على أحكام المبادئ، المنشورات الجامعية المعارفية، ط.1 - 1966 ، ص: 54 – 55.
[10] ـ عبد القادر بايتة: الرقابة الإدارية على أعمال الإدارة/ م. س، ص: 32.
[11] ـ أحمد البخاري أمينة جبران: م. س ، ص: 217، حكم عدد 27 ملف 682 بتاريخ 1981.
[12] ـ ينظر إلى نموذح من التظلم الإداري، الملحق 1.
[13] ـ م.س : (WWW. Khayma Com).
[14] ـ دليل المحاكم الإدارية، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية، سلسلة الشروط الدلائل، المملكة المغربية وزارة العدل ، الطبعة الأولى، العدد 3 – 2004. ص: 23.
[15] ـ عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، ط.5 – 2009 ، ص: 178.
[16] ـ حسن العفوي: تطور القضاء الإداري بالمغرب، المحكمة الإدارية بالدار ا لبيضاء نموذج، مجلة المحاكم المفربية، عدد82، ص: 31.
[17] ـ "لا يوجد أي نص قانوني يمنع على الإدارة اتخاذ أمر شفوي والقيام بتنفيذه ما دام المعني بالأمر يتمتع بحق الطعن عن طريق دعوى الإلغاء"، حكم عدد 179 بتاريخ 23/7/1987 ملف 7248 – 84، أحمد البخاري ـ أمينة جبران ، م.س ، ص: 58,
[18] ـ يقدم الاستئناف بواسطة مقال مكتوب يوقعه محام لدى كتابة ضبط المحكمة الإدارية المصدرة للحكم المطعون فيه داخل أجل 30 يوما على أن يوجه الملف إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف الإداري داخل أجل 15 يوما من تاريخ إيداعه لكتابة ضبط المحكمة الإدارية، ف 134 ق م م وما يليه .
[19] ـ أورده عبد القادر باينة، الملف الإداري عدد 49 – 52.
[20] ـ قرار المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 28 - 6 -1995 ملف رقم 74 - 94 غ ، حكم رقم 65 – 95.
[21] ـ ترفع طلبات النقض والإلغاء... بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف أحد المدافعين المقبولين للترافع أما المجلس الأعلى .
[22] ـ عبد القادر باينة: تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب، دار توبقال للنشر الدار البيضاء، ط.1، 1988، ص: 60.
[23] ـ المادة 3من قانون 91 – 41 (يجوز لرئيس المحكمة الإدارية أن يمنح المساعدة القضائية طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال) أي وفقا للمرسوم الملكي رقم 514 – 65 بتاريخ 17 رجب 1386 موافق فاتح نونبر 1966.
[24] ـ الشروط المتعلقة بميعاد رفع الدعوى (www.ao – academy. Org)
[25] ـ م . س: ((www.ao – academy. Org
[26] ـ عبد الوهاب رافع، جليلة البشيري توفيق: الدعاوى الإدارية في التشريع المغربي، ط.1 / 1998 ، ص: 88
[27] ـ عبد حداد: القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية ، م.س ، ص: 101.
[28] ـ سليمان الطماوي: م. س، ص: 574.
[29] ـ محمد العبادي: م. س ، ص: 143.
[30] ـ سليمان الطماوي: م. س، ص:575.
[31] ـ محمد الصديق: مجلة المحاكم المغربي، العد 1977، ص: 19.
[32] ـ أحمد البخاري: أمينة جبران، م. س، ص: 31.
[33] ـ ادريس الحلبي الكتاني: مسطرة وآجال الطعن في مقررات السلطات الإدارية بالمغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد 17 أكتوبر – دجنبر 1966، ص: 69.
[34] ـ محمد العبادي : قضاء الإلغاء، دراسة مقارنة مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط.1 عمان 1955، ص: 143.
[35] ـ حكم رقم 61 ملف 140/ 95 ، غ بتاريخ 2 / 4 /96 المحكمة الإدارية بالرباط (ينظر إلى ملحق 3 ).
[36] ـ دليل المحاكم المغربية: م. س، ص: 40.
[37] ـ حكم 11/94 /3 غ ملف 13 - 94 – 3 غ المحكمة الإدارية بمكناس (ملحق 4).
[38] ـ سليمان الطماوي: م.س، ص: 579.
[39] ـ دغوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة في المغرب: عبد القادر باينة ، م. س، ص: 70.
[40] ـ نص الحكم : أن اعتقال المدعي في الطور ... يمكن اعتباره قوة قاهرة تقف من سريا الميعاد الذي يجوز فيه الطعن، وقد علل الحكم بأن معتقل الطور بعيدا بعدا عن بلده وليس ما يوجد في السجون الأخرى ما يكفل للمسجونين أن يقوموا بما يريدون القيام به من إجراءات قانونية.
[41] ـ حكم قرار 166 بتاريخ 22 يناير 1962أورده محمد العبادي ، م . س. ص: 153.
[42] ـ القرار عدد 166 الصادر بتاريخ 22/01/1962 أورده ادريس الحلبي الكتاني، م. س، ص: 89.
[43] ـ ادريس الحلبي الكتاني: م. س. ص: 89,
[44] ـ رمضان محمد بطيخ: شروط قبول دعوى الإلغاء، ندوة القضاء الإداري (قضاء الإلغاء) المنعقدة بتاريخ 11 - 14 يوليوز 2005 بالرباط، المنظمة العربية للتنمية الإدارية جامعة الدول العربية ، ص: 46.
[45] ـ قرار عدد 169 تاريخ 19 – 02 /1962 أورده عبد الله حداد القضاء الإداري المغربي، م. س، ص: 103..
[46] ـ حكم عدد 7 تاريخ 26 يناير 1968، أحمد البخاري، أمينة جبران، م .س ،ص: 30
[47] ـ حكم 10 /94 /7 غ ملف 8 /94/7 غ تاريخ 01/12/94 المحكمة الإدارية بمكناس في قضية التي تقدم بها الطاعن من أجل رفض ترقيته إلى السلم 17 باعتبارها أنها لا تعكس الترقية الحقيقية التي يجب أن تمنح له فتقدم بتظلم في 27 شتنبر 1993 بعد أن توصل بالقرار في 16 شتنبر 1993 لكن الإدارة لم تجبه فقدم لها تظلما آخر بتاريخ 12 يناير 1994 فقوبل بعدم الجواب أيضا ثم بعد ذلك قام برفع دعوى أمام المحكمة الإدارية بتاريخ 1994 والتي حكمت بعدم قبول الدعوى شكلا لأن المدعي لم يتقدم أمام المحكمة إلا بتاريخ 20 ماي 1994 أي ما يزيد على 7 أشهر من تاريخ التظلم الأول الذي تم في 27 شتنبر مما تكون مع الدعوى قد رفعت خارج الأجل طبقا لمقتضيات الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 23 من قانون 90 – 41 .
[48] ـ حكم رقم 49 -95 غ ملف 33 - 95 تاريخ 23/11/95 المحكمة الإدارية بمكناس (ينظر إلى وقائع القضية في ملحق 5)

0 التعليقات لــ "مسطــــــرة وشكـــــــل وآجــــــال دعـــــــــوى الإلغــــــــــاء"

ملحوظة :

التدوينات و التعاليق المنشورة في مدونة المادة الإدارية بالمغرب لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع .