PREGNANCY BIRTH

كــل مــا يــتــعــلــق بــالــقــانــون الإداري الــمــغــربــي

قضاء إداري - قرارات إدارية - عقود إدارية - دروس وقالات قانونية - نقاشات قانونية - تساؤلات - مساعدة - جديد الوظائق العمومية - أخبار قانونية وفقهية - والمزيد المزيد ....

من نحن

المال العام بين أقسام الجرائم المالية ومجلس الحسابات .

Unknown 0 تعليق 4:17 ص

المال العام بين أقسام الجرائم المالية ومجلس الحسابات

بقلم: الدكتور مصطفى أشيبان: محام بهيأة البيضاء
يبدو توجه المشرع المغربي نحو توحيد العمل القضائي بخصوص الجرائم المالية واضحا منذ سنة 2004، بمناسبة حذف المحكمة الخاصة للعدل، والاتجاه السليم صوب القضاء العادي، دون تمييز في سلطة المتابعة وإجراءات المحاكمة بين المتهمين على أساس نوع الجريمة أو صفة المتهم، أو على مستوى ضمانات المحاكمة وطرق الطعن. فطبقا للقانون رقم 03.79 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وبحذف محكمة الخاصة للعدل، تختص غرف الجنايات لدى محاكم الاستئناف بالنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول من 241 إلى 256 من القانون الجنائي وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها. وابتداء من أكتوبر 2004 تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ ولمدة خمس سنوات وبناء على المرسوم رقم 2.04.471 الصادر بتاريخ 15 شتنبر 2004 حددت تسع محاكم للاستئناف للنظر في جنايات الارتشاء والغدر واختلاس وتبديد الأموال العامة واستغلال النفوذ، واستمر الوضع كذلك إلى غاية 4 نونبر 2011 تاريخ صدور المرسوم رقم 2.11.445 ليتم تقليص العدد المذكور إلى أربع محاكم للاستئناف محدثة بها أقسام للجرائم المالية وهي الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش.
وبناء عليه، يتضح أن نية المشرع تتجه نحو تقوية الأمن القانوني من جهة وتوفير الأمن القضائي من جهة أخرى، فالدستور الجديد يتضمن مقتضيات خاصة تتعلق بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة التي تتجلى في حماية القضاء لحقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم ( الفصل 117) ثم الحق في محاكمة عادلة وفي حكم يصدر داخل أجل معقول (الفصل 120)
وللاستدلال باتجاه المشرع نحو إلغاء القضاء الاستثنائي الذي لا يخدم الديموقراطية الحقيقية في شيء، فإن الدستور الحالي نص صراحة على إحداث المحاكم العادية والمتخصصة ومنع إحداث محاكم استثنائية التي لم تبق منها إلا المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الملكية التي نتمنى أن تطولها أيضا ريح التغيير تنزيلا للدستور الجديد وضمانات للمحاكمة العادلة ولقواعد إرساء دولة القانون.
وتخلق مدونة المحاكم المالية حاليا لبسا لدى العموم بمقارنتها بأقسام الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف، إذ يسود الاعتقاد بأن المحاكم المالية تنظر في جميع الجرائم المالية، والحال أنها غير مختصة في النظر في الجنايات والجنح المرتبطة بها أو التي لا يمكن فصلها عنها، وبالتالي لا تقضي بالمؤاخذة عنها والعقاب، بل إن ثمة فروقا شكلية وجوهرية بينها وبين المحاكم العادية المختصة نوعيا.
فالمال العام هو القاسم المشترك بينهما، إلا أنه ينبغي التمييز في هذا الإطار بين اختصاصات كل منهما وذلك على الشكل التالي:
تتكون المحاكم المالية من المجلس الأعلى للحسابات ثم من المجالس الجهوية للحسابات طبقا للفصلين 96 و79 من دستور 1996 والفصلين 147 و149 من الدستور الحالي (2011).
وتتجلى اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات في ممارسة المراقبة العليا للمالية العمومية بالمملكة، وذلك في إطار مراقبة تنفيذ قوانين المالية والتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها ويتخذ عن الاقتضاء عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.
كما يقوم المجلس المذكور بمراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية.
أما المجالس الجهوية للحسابات فتتولى مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية وهيآتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها وتعاقب بدورها عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة، ويسمى القائمون على ذلك بقضاة المجلس الجهوي للحسابات أو بقضاة المجلس الأعلى للحسابات عندما يتعلق الأمر بصفاتهم. أما المحاكم العادية سيما محاكم الاستئناف فقضاتها يعتبرون مستشارين تابعين للتنظيم القضائي للمملكة وخاضعين للنظام الأساسي لرجال القضاء.
أما بخصوص الجرائم الموكول النظر فيها لأقسام الجرائم المالية فهي كما أشير إلى ذلك أعلاه تتعلق بجناية الارتشاء والغدر واستغلال النفوذ واختلاس وتبديد الأموال العمومية وكذلك الجرائم المرتبطة بها، فهي أقسام في نظري كان يجب أن تضاف إلى تسميتها الجرائم الاقتصادية نظرا للارتباط الوثيق والعضوي بين المال والاقتصاد، وبالنظر إلى الأسباب والنتائج المترتبة عنها والتي في نهاية المطاف تضر بالاقتصاد الوطني، بل كان ينبغي أن تضاف إلى الجرائم المحددة في المادة 5 من قانون رقم 03-79 الجرائم الأخرى المرتبطة بها إسوة على الأقل بالقانون الجنائي الفرنسي سيما الفصل 704 منه المعدل بالقانون رقم 1598-2007 الصادر بتاريخ 13 نونبر 2007 والمتضمن لجنح لها علاقة بالاقتصاد، كقانون الإستهلاك ومدونة الجمارك وقانون التعمير، وقانون الصرف، وقوانين الملكية الفكرية والتجارة والصحافة، وغير ذلك مما حدده القانون نفسه.
فالمال العام بغض النظر عن التعريف الذي أورده ظهير 29 أكتوبر 1929 وباقي التعريفات الفقهية أو القضائية التي لا مجال حاليا للغوص فيها، هو ذلك المال المخصص للمنفعة العامة، فإذا كان المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات تراقب المالية العمومية وترصد الإخلالات بالقواعد الواجب التقيد بها، فإن القضاء الجنائي المالي يبقى دوره واسعا في مراقبة توافر عناصر الجرائم المحالة عليه على الأركان الثلاثة اللازمة لقيامها من أجل تسليط الجزاء والعقوبة المناسبة، وهي الركن القانوني (النص التشريعي الذي يجرم الفعل المرتكب)، الركن المادي وهو الفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون الجنائي، ثم الركن المعنوي وهو القصد الجنائي أو النية الجرمية لارتكاب الفعل أو الامتناع.
ولتقريب الصورة والمفاهيم أكثر، تجدر الإشارة إلى أن أقسام الجرائم المالية وفق القانون المغربي (مرسوم 4 نونبر 2011 وقانون رقم 03.79) تنظر بصفة حصرية في الجنايات المذكورة أعلاه والجرائم المرتبطة بها وهذا خلافا لبعض القوانين المقارنة التي وضعت قانونا خاصا بالجرائم الاقتصادية ومنها التشريع الألماني والهولندي، وبالتالي ينبغي إصدار تشريع خاص بالجرائم الاقتصادية ومنها الجرائم المالية، أو في إطار مدونة تنص على الأحكام المشتركة بالتجريم والعقاب، مع الرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية فيما يخص الإجراءات المتبعة.
وهكذا، فليس هناك تعريف للجريمة المالية بل إن هناك من الفقه من يقسمها إلى جريمة مالية صرفة وجريمة تجارية وأخرى اقتصادية، على أن هناك في اعتقادنا من الجرائم التي تجمع أكثر من وصف، كما هو الحال بالنسبة إلى الجرائم المتعلقة بتهريب المواد غير المشروعة.
وفي غياب تعريف للجريمة المالية وتعداد الأفعال المعتبرة ماسة بالمصالح الاقتصادية للأفراد والجماعات في إطار مدونة القانون الجنائي للمال والاقتصاد، فإننا نميل إلى تعريف الجريمة المالية بأنها كل فعل أو امتناع يخل بالنظم والقوانين المتعلقة بالمال والاقتصاد سواء للأفراد أو الجماعات أو الدولة.
ومن نافلة القول، إن الغدر أو استغلال النفوذ وإن كانا سلوكين وفعلين مجرمين لتعلقهما بصفة الموظف العمومي، فإنهما يمسان صورة المؤسسة العمومية التي ينتمي إليها الموظف بما تحمل الكلمة من معنى، أكثر من المس بالاقتصاد الوطني، وبالتالي كان حريا تصنيفهما في إطار آخر طالما أن الهاجس الأساسي للدولة هو تجريم ومعاقبة المس بطريقة غير مشروعة بالمال العام منبعا وإنفاقا لتعلقه بالنظام العام الاقتصادي.
نقلا عن : جريدة الصباح 
في : الأربعاء, 28 ديسمبر 2011 00:00


التالي
هذه أحدث تدوينة

0 التعليقات لــ "المال العام بين أقسام الجرائم المالية ومجلس الحسابات ."

ملحوظة :

التدوينات و التعاليق المنشورة في مدونة المادة الإدارية بالمغرب لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع .