PREGNANCY BIRTH

كــل مــا يــتــعــلــق بــالــقــانــون الإداري الــمــغــربــي

قضاء إداري - قرارات إدارية - عقود إدارية - دروس وقالات قانونية - نقاشات قانونية - تساؤلات - مساعدة - جديد الوظائق العمومية - أخبار قانونية وفقهية - والمزيد المزيد ....

من نحن

- دراسة حول المركز والهامش-

Unknown 0 تعليق 11:11 ص




الموضوع . - دراسة حول المركز والهامش-
تمهيد:
من المسلم به أن التواصل الثقافي بين المجتمعات قناة إنسانية عريقة ،و اتخذت العلاقة بين الثقافات أشكالا متنوعة لإثراء بعضها البعض ،ومقاومة عوامل الفناء و كسب طاقة التغيير ،و تعزيز المكانة الأدبية ...لكن في ظل تحولات المجتمع الدولي بسبب وتيرة التغيير المذهلة في العقود الأخيرة ،و ما حققه الغرب من امتياز حضاري و تقني وعلمي و سياسي وعسكري،انبثقت مفاهيم على مستويات شتى ،خاصة مفهوم العولمة الذي طغى على الساحتين الإعلامية و الفكرية وأفرز إشكاليات عديدة ،إذ بوسائلها و آلياتها طرحت نفسها باعتبارها بديلا للتنوع الثقافي و اكتساح الهوية الحضارية للشعوب، فشاع الحديث عن الصدام الحضاري و نظرية المركز و الهامش أو الأطراف،التي وظفت لدى العديد من المفكرين شرقا و غربا ،وهذا ما ولد تساؤلات جوهرية : ما مصداقية موضوع تواصل الثقافات في عصرنا وآفاقه في ظل ثقافات تمارس الاستعلاء على بعضها الآخر ؟ وما حقيقة التواصل في كنف ثقافات تؤججها مواقف إيديولوجية متصارعة؟ و كيف يمكن أن نقيم حوارا بين طرفين غير متكافئين؟ هل يمكن تحقيق تواصل قادر على إقامة جسور من التفاهم تتجاوز الصراع؟وتقوم على مبدأ الإيمان بالتنوع بدل لغة الهيمنة و الإلغاء التي يمارسها الآخر؟ هل يمكن أن تتحول كل دعواتنا للحوار والتواصل مع الآخر إلى نوع من الاستعطاف و الاستجداء إن لم نغير من الأنا بما يجعل حضورها فاعلا في المشهد العالمي؟و هل من المنطقي أن نتحدث عن تواصل واع مع الثقافات العالمية ونحن نعاني ضعفا في التواصل العربي – العربي، و في تواصل جيل عربي جديد مع ثقافته ؟ ما هي التحديات التي تواجه الثقافة العربية وأثرها على التواصل؟ و ما هي الطرق النوعية لإقامة ثقافة حوارية تواصلية مع الآخر تحفظ تميز هويتنا، و تحترم حقنا في إغناء الثقافة الإنسانية و تؤمن بمبدأ التكافؤ والتنوع؟
نتدرج فيما يأتي في معالجة أهم المعطيات و القضايا و الرؤى الجدلية المتعلقة بهذه الإشكالية، ونستهلها بأهم تحولات المشهد الدولي الراهن .
1-جدلية ثقافة المركز وثقافة الهامش:
إن مفهوم التمركز تصور يقوم على التمايز والتعالي وتقديس الذات باعتبارها مركز الإشعاع ، وهو ما ينطبق على المركزية الغربية التي تعالت نبرتها بتزايد هيمنة القيم الحضارية الغربية ( الديمقراطية ، الليبرالية الاقتصادية..)، وانتشار نمط الحياة الأمريكية بصفة خاصة ، فاعتبر المركز صانع الحضارة ومبدعها ومسيرها ، ومثل الهامش الاستهلاك والركود والتبعية ، وكل ما زادت هيمنة المركز بمختلف تجلياتها اختزل دور الهامش وقزمت فاعليته ، وأمليت عليه الشروط وفرضت عليه القيود التي توافق الإيديولوجية الغربية التي حددت تصوراتها الواضحة عن العالم والإنسان ،" ...وأفضى ذلك إلى نوع من التمركز حول الذات بوصفها المرجعية الأساسية لتحديد أهمية كل شيء وقيمته ، وإحالة الآخر على مكون هامشي لا ينطوي على قيمة بذاته ، إلا إذا اندرج في سياق المنظور الذي يتصل بتصورات الذات المتمركزة حول نفسها ..."( ) .وبالمقابل فإن الهامش أو الأطراف " هي المناطق التي اندمجت في النظام العالمي ، دون أن تتبلور إلى مراكز ، فهي إذن تلك المناطق التي تتحكم القوى الخارجية في تحديد مدى واتجاه التراكم المحلي فيها
لقد قسّم الغرب العالم إلى مناطق نفوذ ومستعمرات وألحقها به على أساس المركز والأطراف ، وحرّك هذه المناطق في فلك رسم سلفاً ليوافق مصالحه، وشيئاً فشيئاً اتسعت الهوة بين الطرفين ، وتكونت مركبات العقد ( مركب النقص ومركب العظمة ) ، فانتفت بذلك إمكانية التواصل والحوار المتكافئ ، لأن المركز(القوة) لا يحاور بل يسيطر ويفرض ويهدد أيضا.
ومما لا شك فيه أن آليات العولمة كرست مفهوم التبعية الدائمة للغرب ، فزادت المركز سيادة وسيطرة وزادت الأطراف تبعية وتهميشا ، ففي مجال الآداب مثلا نلاحظ أن ثورة المعلوماتية وتطور التقنية والاتصال، قد أسهمت في سيطرة مفاهيم اللغات والآداب الحية ، مع استمرار اعتبار الآداب واللغات الأخرى هامشية
فالعالم لا يمكن إلا أن يكون مركزا ومحيطا في الفلسفة ( ) التي تغذي المركزية الغربية فلقد " استمد مفهوم التمركز مكوناته من الدلالة المباشرة لـ:
Egocentricity ، التي تفترض غلبة وجهة نظر الذات وصوابها ، وهي متصلة بعالم الطفولة ، إذ تتجلى الأنانية المفرطة التي ترافق مرحلة من نمو الطفل تجعله يركز العالم في أناه ، ...فيصعب عليه أن يفهم الأشياء من غير منظاره الخاص ، ولا يعطي أي اعتبار للآخرين واهتمامهم 
ارتبطت المركزية الغربية كذلك بنظرية التأصيل العرقي وتختلف هذه النظرية عن العنصرية وفحواها وجود أعراق مختلفة ، بعض الأعراق أدنى من بعضها الآخر لا لأسباب اجتماعية أو ثقافية ،لكن لسبب غريزي محدد بيولوجيا( )، أي أن الإنسان الغربي – حسبها – متميز بطباعه العرقية وأصوله النقية ، و بالتالي يمارس نظرة دونية على باقي الجماعات العرقية ، فالعرق قي حد ذاته تفوق " ...إن القوة والهيمنة والسيطرة والتوسع تخلق عند الجماعات العرقية القائمة بها ، إحساس بالتفوق والتفرد والتمايز والاستعلاء والترفع ، بحيث تعمد أن تضع بينها وبين الجماعات العرقية الأخرى حدودا فاصلة تحول دون عملية الاندماج الحقيقي .
بالإضافة إلى هذه المركزية العرقية ، هناك مركزية تاريخية-إن صح التعبير – وهي الادعاء بالخصوصية المطلقة لتاريخ الغرب ، الذي صنعته معطيات خاصة فأنتج هذه الحضارة القوية والثرية ( )، فالعالم يشهد مشروعا ضخما وهو تعميم الأنموذج الغربي، وهو مشروع يهدد الخصوصيات الثقافية للشعوب ، لكن المركزية الغربية ترى في هذه الهويات والخصوصيات العرقية والثقافية والعقدية سبب التخلف ، ولهذا تطرح أنموذجها لمن يريد أن يصل إلى ما وصل إليه الغرب ، ولا بديل عن الانخراط في مشروع تطابق الإنسانية ، ولكن هذا المركز لا يقدم شروط اندماج فاعلة ، بل يطلب تنازلات خطيرة وانقيادا أعمى .إن غياب أطر حوار جدي بين المركز والأطراف في ظل وتيرة العولمة المتسارعة ، من شأنه أن يزيد من احتمال التسلط ويعمق التبعية .
إن كل المعطيات السابقة تنذر بعبثية كل حديث عن ثقافة التواصل ،إن لم نسارع في التكيف مع الراهن ومواكبة التطورات وما تمنحه من فرص ، ونتجنب ما أمكننا من المزالق و الانعكاسات السلبية ...

-صراع الحضارات وتأزم المواجهة بين الأنا / الآخر:
إن راهن العلاقة بين الإسلام و الغرب واقع متأزم ،و العلاقة بين الطرفين تزداد توترا وحساسية وتؤجج لغة العداء المتبادل ،في ظل تصارع المركزية الغربية للسيطرة على الهامش و كل طرف يتخذ من الآخر موقفا متشنجا لأسباب تاريخية و اقتصادية و إيديولوجية... مشحونة بالسلبية و كل طرف يرفض الرؤية التي تشكلت عنه عند الآخر ،"...يعود التجافي إلى زمن بعيد ... و قد عرفت العلاقة ..أطوارا من الحروب ومعاهدات الصلح وأشكالا من التعاون والتلاقح وأطوارا من المعارك اتخذت صورا وأشكالا لا حصر لها، وقد كانت المعارك المتواصلة تتخذ لها أيضا مظاهر ثقافية نفسية ، و توظف من الآليات الذهنية بهدف الهيمنة المادية والهيمنة الفكرية بمختلف صورهما .
وتصاعدت لهجة الصراع بشكل حاد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ،...حيث تعطل الحوار بين العرب و الغرب وظهر التعصب و العنصرية بشكل سافر في الغرب اتجاه العرب .
و يعد كتاب ( ) " صامويل هنتنجتون" حول صراع الحضارات نموذجا لمزيد من السجالات الفكرية التي تعمق هوة الخلاف بين الإسلام والغرب " و الموضوع الرئيسي لهذا الكتاب هو أن الثقافة و الهويات الثقافية و التي هي على مستوى العالم هويات حضارية ، .. تشكل أنماط التماسك و التفسخ و الصراع في عالم ما بعد الحرب الباردة " ( ). وقد جاءت هذه النظرية لتهدم النظرية السابقة( فكرة فوكوياما) نظرية نهاية التاريخ، وفحواها أن الليبرالية لم تعد تواجه عدوا بعد الانهيار السريع للاتحاد السوفياتي ، فأصبح الأنموذج الغربي خيار العالم ، و لن يواجه خصما جديدا . لكن صاحب كتاب "صدام الحضارات " ألغى فكرة نهاية التاريخ و أكد أن الصدام مستمر بل مستعر ،و أن نهاية الحرب الباردة أدت إلى ميلاد عدو جديد " عدو يعمل كل ما في استطاعته لمواجهة الحضارة الغربية ... فالإسلام هو العدو القديم و العدو المرتقب لأنه يرفض مقدمات الحضارة الغربية وأصولها..." ( ) .تعد هذه النظرية تآمرا واضحا مع الرؤية الإستراتيجية الغربية ، التي ترى ضرورة استمرار الصراع لأن هذا يؤكد تفوق الحضارة الغربية التي تحاول إعادة صنع التاريخ الإنساني بما يخدم مصالحها وبما يتوجها بانتصار ثقافي حضاري ( )، ويغرق الأطراف الأخرى في هزيمة تاريخية ...و تنصب مشروعها بديلا فذا يصنع التاريخ بالعقل و المنطق والرؤية البراغماتية للأمور و العلاقات...

0 التعليقات لــ "- دراسة حول المركز والهامش-"

ملحوظة :

التدوينات و التعاليق المنشورة في مدونة المادة الإدارية بالمغرب لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع .