PREGNANCY BIRTH

كــل مــا يــتــعــلــق بــالــقــانــون الإداري الــمــغــربــي

قضاء إداري - قرارات إدارية - عقود إدارية - دروس وقالات قانونية - نقاشات قانونية - تساؤلات - مساعدة - جديد الوظائق العمومية - أخبار قانونية وفقهية - والمزيد المزيد ....

من نحن

مظاهر حدود مرسوم 2013 للصفقات العمومية .

Unknown 0 تعليق 3:56 ص

حفيظ مخلول 
باحث في قانون المنازعات بكلية الحقوق بمكناس


مظاهر حدود مرسوم 2013 للصفقات العمومية


تعتبر الصفقات العمومية الأداة الإستراتيجية التي تمكن الدولة والسلطات العمومية من الأداء الفعال لأدوار ذات طابع اقتصادي ومالي واجتماعي وبيئي، وبالنظر لأهمية هذه الآلية أولتها كل التشريعات تنظيما خاصا يليق بها، والمغرب هو الآخر لم يكن بمنأى عن هذا التنظيم وعرفت ترساتنه القانونية مجموعة من التطورات والتي سنحاول أن نعرج عليها باختصار،[1] والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل، ماقبل الحماية مع معاهدة الجزيرة الخضراء 1906، والتي كانت بداية الإرهاصات الأولى لتنظيم الصفقات العمومية بالمغرب، ثم مرحلة ثانية أثناء الحماية مع مرسوم 1917 بمثابة نظام المحاسبة العمومية والذي أسس لبعض القواعد الأولى للصفقات العمومية، ثم المرحلة الثالثة بعد الاستقلال حيث اتخذ تطور نظام الصفقات العمومية منحا جديدا مع مرسوم 1958 المتعلق بنظام المحاسبة العمومية، ثم بعد ذلك مرسوم 1965 كأول نظام يحاول لم شتات النصوص المنظمة لطرق إبرام الصفقات العمومية، وهو المرسوم الذي ارتبط بالثمن بالتركيز على المناقصة كطريقة أساسية للإبرام، وذلك انسجاما مع هاجس التوفير المالي لخزينة الدولة، لكن الهاجس المالي لوحده كان قاصرا في ضمان الجودة المتطلبة في الملزم بالصفقة في ظل التحولات العلمية والتكنولوجية، فكان هذا من بين الأهداف الأساسية التي حاول تحقيقها مرسوم 1976 والذي ارتبط تنظيمه بالجودة، والذي وسع من سلطات الإدارة في اختيار طرق الإبرام التي تراها ملائمة، لكن دينامية الإطار المنظم للصفقات العمومية لم تقف عند هذا الحد،ولم تعد معادلة الثمن والجودة الوحيدة في تنظيم مساطر إبرام الصفقات العمومية، بل أصبح النظام يقاس بالمبادئ التي يضمنها للمتنافسين من شفافية ومساواة ومنافسة، فصدر مرسوم 1998، وبداية القطيعة مع أسلوب المناقصة في إبرام الصفقات، لكن هذا المرسوم عرف مجموعة من الانتقادات همت بالأساس عدم مواكبته للنظام العام الاقتصادي، وثغراته الفسيحة التي فتحت فجوات للممارسة أللأخلاقية لتدبير الصفقات العمومية، فصدر مرسوم 2007، والذي بعد مهلة قصيرة من دخوله حيز التنفيذ كان محل مذكرة استعجالية وجهها الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى الوزير الأول ينذره بالاختلالات التدبيرية التي تشوب هذا المرسوم، فكان من اللازم معالجة هذه الأخيرة من خلال مرسوم 20 مارس 2013[2]، هذا الأخير الذي جاء تتويجا للنقاش العمومي الموسع الذي فتحته الحكومة في إطار تفعيل المقاربة التشاركية مع مجموع الفاعلين الأساسيين في الطلبيات العمومية، بعد نشر المرسوم بالبوابة الالكترونية للأمانة العامة للحكومة سنة 2010، وذلك بعد الوقوف على أهم محاور الإصلاح المطلوب في إطار المناظرة الوطنية حول الصفقات العمومية التي نظمتها الخزينة العامة للمملكة في 2009، بعد أن كشفت الممارسة العملية لمرسوم 2007، على جملة من الإشكالات والنواقص، فمرسوم 2013 جاء في إطار سياقات متعددة ومتنوعة، أولا في ظل التغيرات التي عرفها المحيط الوطني والدولي وضرورة الارتقاء بمنظومة الصفقات العمومية إلى المستوى الذي يجعلها مواكبة لكل المستجدات التي تضمنها التشريع الدولي ومتجاوبة مع المعايير الدولية الأكثر شفافية في هذا الشأن ، ومن جهة ثانية في إطار الأوراش الكبرى التي فتحتها الحكومة في مجال تدعيم الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العام،[3]وبالإضافة إلى تنزيل مقتضيات دستور 2011[4]
وجاء  هذا المرسوم بمجموعة من المستجدات في إطار سبعة محاور كالتالي:
-         تدعيم وحدة الأنظمة المؤطرة للصفقات العمومية
-         تبسيط وتوضيح المساطر
-         تحسين مناخ الأعمال والمنافسة
-         تدعيم الشفافية وأخلاقيات تدبير الطلبيات العمومية
-         ترسيخ تكنولوجيا الإعلام والتواصل كتوجه لعصرنة تدبير الطلبيات العمومية
-         تحسين الضمانات الممنوحة للمتنافسين وآليات تقديم الطعون
-         الأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة
وما يمكن القول عن هذه المستجدات أنها متعالية عن الواقع التدبيري للصفقات العمومية ببلادنا وخصوصا التي يبرمها الفاعل الترابي، التي بقرائتها يتضح أنها لم تراعي خصوصيات الجماعات الترابية.
ورغم أن الكثيرين صفقوا لهذا المرسوم بحرارة إلا أن القراءة التقنية لمضامين هذا المرسوم، سواء من زاوية الباحث أو الممارس لاتسعف في مواكبة هذا الطرح رغم أن هذا القول يمكن أن يكون حكم قيمة على اعتبار أن المرسوم لم يمضي على تطبيقه إلا سنتين، لكن هذا لايمنع من إبداء بعض الملاحظات التي أعطيت لمضامين المرسوم الجديد :
-         عدم الارتقاء بالنص القانوني المنظم للصفقات العمومية إلى درجة قانون صادر عن السلطة التشريعية على أن يترك المجال للسلطة التنظيمية فيما يخص الأمور التفصيلية والتقنية
-         عدم شمول الإصلاح لباقي النصوص المؤطرة لما هو تنظيمي وتفصيلي في الصفقة، ونخص بالذكر دفتر الشروط الإدارية العامة والذي لم يعرف أي تعديل منذ 2000، فيما عرف الإطار المنظم لشروط وأشكال الإبرام تعديلين متتابعين، مرسوم 2007 ومرسوم 2013
-         فيما يخص المقتضيات المنظمة لصفقات الجماعات الترابية يلاحظ المكانة القوية لسلطة الوصاية
-         عدم إشارة المرسوم لآلية التحكيم
-         غياب نسق رقابي متكامل يستحضر دخول مؤسسات دستورية جديدة على هذا المستوى (مجلس المنافسة، الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها، مؤسسة الوسيط)[5]
وبعد أن تم التطرق الى أهم العناصر التي تحد من أهمية مرسوم 2013، فان التساؤل المشروع الذي يطرح نفسه بقوة، إلى أي حد استطاع مرسوم 20 مارس 2013 تجاوز الإشكالات القانونية والاختلالات التدبيرية التي كان يعاني منها مرسوم 2007؟
إن محاولة مقاربتنا لهذه الإشكالية ستتم عبر التطرق مطلبين يشكلان إحدى مظاهر حدود مرسوم 2013
المطلب الأول: حدود الشفافية (البرامج التوقعية)
    المطلب الثاني: حدود إجراء المراقبة والتدقيق 
   المطلب الأول: حدود الشفافية (البرامج التوقعية)
إذا كانت الشفافية[6]من المبادئ الأساسية التي تبني عليها كل التشريعات نظمها المؤطرة للصفقات العمومية، فان المشرع قد كفلها بآليات تجسدها في مجال الإبرام، من خلال الإعلان عن الصفقة، عمومية جلسات فحص العروض، بوابة الصفقات العمومية، ثم البرامج التوقعية، هاته الأخيرة التي لم يفعلها المرسوم بالشكل المطلوب رغم أهميتها في تنوير المواطنين المتتبع الأول للسياسات العمومية والفاعل الاقتصادي على الخصوص، سواء على مستوى غياب ضمانة تلزم الآمر بالصرف بنشر البرامج التوقعية (الفقرة الأولى) أو على مستوى تضييق مجال نشرها (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: غياب الجزاء
عمل مرسوم 2013 على تكريس البرامج التوقعية من خلال المادة 14 حيث ألزم بها كل صاحب مشروع في بداية كل سنة مالية وقبل متم الثلاثة أشهر الأولى منها على أبعد تقدير بنشر البرنامج التوقعي للصفقات التي ينوي إبرامها برسم السنة المالية المعنية، في جريدة ذات توزيع وطني على الأقل وفي بوابة الصفقات العمومية، ويمكن لصاحب المشروع أيضا القيام بنشر هذا البرنامج بكل وسيلة أخرى للنشر ولاسيما بطريقة الكترونية، ونشرها كذلك وجوبا بمقر صاحب المشروع مدة 30 يوما على الأقل، وتبقى هذه البرامج التوقعية خاضعة للتعديل والتغيير طيلة هذه المدة المخصصة للنشر، ويتضمن هذا البرنامج مجموعة من النقط موضوع الدعوة إلى المنافسة، وطبيعة العمل ومكان التنفيذ، وطريقة الإبرام المزمع اعتمادها، الفترة الزمنية المتوقعة لنشر الإعلان عن الدعوة إلى المنافسة المتعلق بالصفقات التي يعتزم صاحب المشروع طرحها برسم السنة المالية المعنية، فهذه الآلية تكمن أهميتها في تنوير الفاعل الاقتصادي بالصفقات العمومية المستقبلية،بالنظر لما تحمله من مضامين توضيحية تساعده على تحضير عروضه كما أنها تعد أيضا إحدى الإجراءات التي يفصح من خلالها صاحب المشروع عن معالم سياسته الشرائية خلال السنة المالية[7]، كما أنها تدخل في إطار الرقابة الداخلية المستحدثة[8] بموجب مرسوم 2013 فما يؤخذ على المادة 14 أنها رغم صيغة الوجوب التي تلزم صاحب المشروع، نشر هذه البرامج التوقعية وفق للضوابط التي حددها المرسوم، فإنها جاءت خالية من أي جزاء يفرض على صاحب المشروع بنشر هذه البرامج وهو ما يعد ضربا للمبادئ الأساسية التي جاء بها المرسوم المتعلق بالشفافية والمنافسة المساواة، مما يمكن أن يفتح المجال في هذه الحالة لبعض المدبرين ذوي العقول الضعيفة باستغلال هذه الظرفية لإخبار بعض المقاولين الذين سيكون لهم جانب التميز في التحضير لتلك الصفقات ونسبة كبيرة في الظفر بها. كما يقتضي على صاحب المشروع أن يحترم جانب الدقة والتحديد فيما يخص مضامين البرامج التوقعية على مستوى موضوع الصفقة ونوع الأشغال ومكان التنفيذ والمعنيون بهذه الصفقات، من مقاولات صغرى و متوسطة. هذا بالإضافة إلى إشكال آخر تعاني منه آلية البرامج التوقعية و المتعلق بتضييق نطاق النشر
الفقرة الثانية: عدم الأخذ بازدواجية النشر
بالرجوع إلى نص المادة 14 من مرسوم 20 مارس 2013، أنه يتعين على صاحب المشروع نشر البرنامج التوقعي للصفقات التي يعتزم إبرامها برسم السنة المالية المعنية، في جريدة ذات توزيع وطني، وطبعا بالإضافة إلى نشرها بمقاره طيلة مدة ثلاثين يوما على الأقل ونشرها بأي وسيلة أخرى لاسيما بطريقة الكترونية، فانه ما يمكن ملاحظته أن المشرع ضيق من نطاق الشفافية بعدم أخذه بازدواجية النشر كما فعل في إطار طلب العروض[9]في جريدتين توزعان على الصعيد الوطني على الأقل يختارهما صاحب المشروع تكون إحداهما باللغة العربية والأخرى بلغة أجنبية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يفسر المنطق الذي تعامل معه المشرع فيما يخص نشر البرامج التوقعية، هل استهانته بأهميتها، أم أن الإشهار بالجريدة مجرد إجراء ثانوي على اعتبار أن نشرها بالبوابة الالكترونية كافي لاطلاع العموم عليها، وهو تصور خاطئ على اعتبار أن الممارسة الإدارية تثبت أن الفاعل الاقتصادي لايطلع على بوابة الصفقات العمومية وهو ما يجعله يتردد على الإدارة باستمرار لطلب وثائق ممكن أن يسحبها من البوابة الالكترونية دون عناء. وما يعمق من الإشكال أن الحرية التي تركت لصاحب المشروع في اختيار أي جريدة تجعله يقبل على جرائد غير معروفة ولا تعرف إقبالا، الشيء الذي يضيع الفرصة على المقاولين وخصوصا إذا كانت تلك السنة المالية ستعرف إبرام صفقات ذات أهمية أكبر، وأمام هذه الحدود الواردة على آلية نشر البرامج التوقعية، يبقى عدم وجود أي نص يلزم صاحب المشروع بنشر الحصيلة السنوية للصفقات المبرمة والتي ثم الإعلان عنها في إطار البرنامج التوقعي في بداية السنة المالية يحد من فعالية هذه الآلية المهمة، وهو أمر تفطن له المشرع اللبناني بأن عمل على توحيد البرامج السنوية لمختلف الإدارات ونشرها في صيغة واحدة، ودرءا لهاته الأهمية عمل على توسيع قاعدة الشفافية والمنافسة من خلال إلزام نشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية وفي خمس صحف يومية[10].
المطلب الثاني: حدود إجراء المراقبة والتدقيق
إن الرقابة الممارسة على الصفقات العمومية تتعدد وتتنوع من رقابة إدارية داخلية تقليدية ذاتية نابعة من الإدارة نفسها صاحبة المشروع أو أحد أجهزتها، ورقابة إدارية خارجية تمارسها أجهزة خارجة عن الإدارة صاحبة الصفقة، كرقابة وزارة الاقتصاد والمالية و رقابة لجنة الصفقات و رقابة مفتشية الإدارة الترابية بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية، ثم رقابة مالية يمارسها المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية، ورقابة قضائية تمارسها المحاكم الإدارية، والتحليل سيقتصر على بعض الأساليب المستحدثة في اطار مرسوم 2013 على اعتبار أنه خصص الباب العاشر بأكمله لحكامة الصفقات العمومية، ومادان أن الرقابة تبقى حاضرة في كل المراحل التي تمر منها الصفقة، فالأجدر أن تتمتع آلياتها بالشمولية على كل الصفقات وأن لا تخضع لأي سقف أو حد (الفقرة الأولى) وأن تمارس بتلقائية ولا تخضع لأي مبادرة (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: ربط المراقبة والتدقيق بثمن الصفقة
يعد التدقيق في الصفقات العمومية[11] من بين الآليات التي ثم اعتمادها لأول مرة في مرسوم 30 دجنبر 1998 (المادة 86)، وثم تكريسه في مرسوم 5 فبراير2007 ومرسوم 20 مارس 2013، حيث أشار إليه المشرع في هذا الأخير في كل من المادة 142 في إطار الباب السادس المتعلق بصفقات الجهات والعمالات والأقاليم، بالإضافة إلى المادة 165 في إطار الباب العاشر المتعلق بحكامة الصفقات العمومية، وبقراءة المادتين يلاحظ أن المشرع قد ربط التدقيق والمراقبة بثمن الصفقة، حيث لا تخضع سوى الصفقات التي يتجاوز مبلغها ثلاثة ملايين 3.000.000 درهم مع احتساب الرسوم، والصفقات التفاوضية التي يتجاوز مبلغها مليون 1.000.000 درهم مع احتساب الرسوم هذا بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية، أما صفقات الدولة والمؤسسات العمومية، الصفقات التي تتجاوز خمسة ملايين 5.000.000 درهم مع احتساب الرسوم، والصفقات التفاوضية التي يتجاوز مبلغها مليون 1.000.000 درهم مع احتساب الرسوم، فلماذا المشرع حدد نطاق الرقابة والتدقيق والتي كان من الأولى أن يعممه على كل الصفقات من أجل الارتقاء بالمسؤولية التدبيرية[12] لدى الفاعل العمومي والترابي على الخصوص.
ويهم مجال هذه المراقبة والتدقيق المراحل الثلاثة من تحضير الصفقة إلى إبرامها وتنفيذها:
-         قانونية مساطر إعداد الصفقة وإبرامها وتنفيذها.
-         تقييم حقيقة ومادية الأشغال المنفذة أو التوريدات المسلمة أو الخدمات المنجزة.
-         احترام إجبارية إعداد الوثائق المختلفة المتعلقة بالصفقة والمقررة في هذا المرسوم.
-         احترام إجبارية نشر الوثائق المختلفة المتعلقة بالصفقة والمقررة في هذا المرسوم.
-         تحقيق الأهداف المتوخاة من العمل.
-         تقييم النتائج المحصل عليها بالنظر إلى الوسائل المصخرة.
-         شروط استعمال الوسائل المسخرة.
-         تقييم ثمن الصفقة بالنظر إلى الأثمان المطبقة وتقييم كلفة الأعمال موضوع هذه الصفقة.
-         ملائمة وفائدة المشاريع والأعمال المنجزة في إطار الصفقة.
   ومن جهة أخرى يرى أحد الباحثين بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية، أن النص على هذين المبلغين (المادة 142) "كسقفين لإخضاع صفقات الجماعات الترابية للتدقيق ذا أهمية كبيرة لكن مقارنة مع وضعية بعض الجماعات الترابية التي تتسم ميزانيتها بالضعف مما يعني أن عدد من الصفقات التي تبرمها الجماعات الفقيرة ذات الموارد المحدودة، والتي قد تكون على قدر كبير من الأهمية هي مستثناة من التدقيقات الداخلية المنصوص عليها لأنها لم تبلغ السقف المحدد"[13]
وفي الأخير تتضح الفلسفة التقييمية للتدقيق الذي يهدف إلى التقويم والتوجيه لأحسن وأنجع الطرق التدبيرية، بخلاف الدور التقليدي للرقابة والتي تكتسي بعدا زجريا. وعموما فان قيد الثمن ليس هو الوحيد الوارد على المراقبة والتدقيق بل هذه الآلية لا تتحرك إلا بمبادرة الوزير المعني بالصفقة
الفقرة الثانية: ربط المراقبة والتدقيق بمبادرة الوزير المعني
بالإضافة إلى سقف الأثمنة التي حددها المشرع لتفعيل إجراء المراقبة والتدقيق على الصفقات العمومية فانه اعتبر الوزير المعني هو المفعل الأساسي لهذه الآلية على اعتبار الصفقة العمومية رغم تجاوزها الثمن المطلوب لابد أن يكون إجراء المراقبة والتدقيق بمبادرة من وزير الداخلية بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية، والوزير المعني بالنسبة لصفقات الدولة، و مدير المؤسسة بالنسبة لصفقات المؤسسات العمومية، فأي حكامة يتحدث عنها المشرع مادام أن المراقبة والتدقيق لايمكن تحريكها إلا بمبادرة، وما هي المؤشرات التي ستجعل الوزير يبادر بإجراء المراقبة والتدقيق على صفقة ما، هل هي تقارير المؤسسات الدستورية وغيرها، أم أنها فضائح الجرائد اليومية التي نقرأ عنها كل يوم، أم حتى يصل الأمر إلى فضيحة دولية كما هو الأمر في صفقة مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، والتي تجاوز ثمنها السقف المحدد من طرف المشرع لإجراء المراقبة والتدقيق، بل كلفت خزينة الدولة مليارات الدراهم، والتي نأمل أن يكون التقرير المنجز على هذه الصفقة موضوع النشر.
إن هذه القيود الواردة على المراقبة والتدقيق تفرغ هاته الآلية التقويمية من محتواها وأهميتها، وهو ما يدل على محدودية النص والرؤيا القاصرة لواضعي مرسوم 2013، بل يزداد الإشكال عندما تجد أن تقرير المراقبة والتدقيق يوجه بحسب الحالة إلى وزير الداخلية أو الوزير المعني، أو مدير المؤسسة العمومية المعنية، ويتم الاكتفاء بنشر ملخص التقرير، والذي كان لزاما لاحترام الشفافية، نشر التقرير بأكمله من أجل الكشف عن الاختلالات التدبيرية التي تطال المال العام،
كانت تلكم بعض مظاهر الحدود التي وقفنا عليها من خلال هذه الدراسة المتواضعة، والتي همت قراءة بعض مضامين مرسوم 20 مارس 2013 فيما يخص آليات الشفافية والمراقبة والتدقيق والتي لم يتوفق المشرع في تنظيمها، مما يعطي الانطباع الأولي أن المرسوم الجديد لم يعالج بشكل جدي واقع الصفقات العمومية بالمغرب ولازال يعتريه النقص هو الآخر.        


[1] - لمراجعة تطور نظام الصفقات العمومية بالمغرب، عبد الله حداد، صفقات الأشغال ودورها في التنمية،منشورات عكاظ،2000
[2] - صدر بالجريدة الرسمية عدد 6140 بتاريخ 4 أبريل 2013، المرسوم رقم 349-12-2 المتعلق بالصفقات العمومية، ص 3023
[3] .راجع مذكرة تقديم مرسوم 20 مارس 2013
[4]- voir abdelhaq el hattab, la régulation des marchés publics au Maroc : la feuille de la route constitutionnelle, revue Almanara pour les études juridiques et administratives, N°8/2015
[5] - هاته الملاحظات أشار اليها حفيظ يونسي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 119، نونبر-دجنبر،2014، ص 79-80
[6] - للمزيد راجع بهاء أحمد سليم أحمد، الشفافية الإدارية في تحقيق التنمية الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد117-118، يوليوز-أكتوبر، 2014
[7] -محمد الشاوي،شفافية إبرام الصفقات العمومية بين مقتضيات النص التنظيمي وواقع الممارسة العملية،مجلة القضاء الإداري،العدد 4،شتاء-ربيع،2014،ص 112
[8] -يونس وحالو،الرقابة الداخلية في تدبير صفقات الجماعات الترابية على ضوء المرسوم الجديد ل 20 مارس 2013،مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية،عدد9،سنة 2015 ص 154  
[9] - المادة 20 من مرسوم 20 مارس 2013
[10]- عبد اللطيف قطيش،الصفقات العمومية تشريعا وفقها واجتهادا(دراسة مقارنة) منشورات الحلبي الحقوقية، ص 15
[11] - محمد الكرتيح،عبد اللطيف هواتي،المراقبة والتدقيق في الصفقات العمومية للجماعات المحلية،بحث نهاية التكوين في التدبير الإداري،مسلك التدبير العمومي،تخصص الصفقات العمومية،الفوج الأول،المدرسة الوطنية للادارة،2002-2004،ص 65و66.
[12] - للمزيد أنظر قدور لصفر،المسؤولية التدبيرية نحو حكامة صفقات الجماعات الترابية،مجلة مسالك، عدد29-30، دون ذكر السنة.

[13] - يونس وحالو،م.س، ص 153

0 التعليقات لــ "مظاهر حدود مرسوم 2013 للصفقات العمومية ."

ملحوظة :

التدوينات و التعاليق المنشورة في مدونة المادة الإدارية بالمغرب لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع .