PREGNANCY BIRTH

كــل مــا يــتــعــلــق بــالــقــانــون الإداري الــمــغــربــي

قضاء إداري - قرارات إدارية - عقود إدارية - دروس وقالات قانونية - نقاشات قانونية - تساؤلات - مساعدة - جديد الوظائق العمومية - أخبار قانونية وفقهية - والمزيد المزيد ....

من نحن

نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وحماية الملكية الخاصة .

Unknown 1 تعليق 9:58 ص


نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وحماية الملكية الخاصة .

تشكل آلية نزع الملكية من أجل المنفعة إحدى الآليات المعتمدة من طرف الدولة لتكوين رصيد عقاري مهم للقيام بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة المضاربات العقارية وباعتبار حق الملكية الخاصة ذات أهمية كبيرة في النظام القانوني المغربي فهو حق دستوري. كما أن تعزيز فكرة تشجيع الاستثمار والتنمية لن يتحقق دون تعزيز المبادرة الفردية وتحقيق استقرار المعاملات.
وما دام إذن الأصل في حق الملكية أنه حق دائم لا يمس ولا يعتدي عليه والاستثناء هو إمكانية نزع هذا الحق من يد صاحبه فإن ذلك يستوجب أن يحاط هذا الاستثناء بعدة شروط وضمانات ووسائل لحماية الملكية الخاصة وقد نظمها المشرع في قانون 87-7 المطبق على نزع الملكية للمنفعة العامة.
ومن هنا نتساءل هل تعتبر الضمانات التشريعية التي جاء بها قانون 81-7 المنظم لنزع الملكية كافية لحماية الملكية الخاصة وما هو دور القضاء في هذا الإطار باعتباره الحارس الأساسي لحق الملكية؟ للإجابة على هذه التساؤلات نقترح تقسيم هذا البحث إلى مبحثين المبحث الأولى، مظاهر حماية الملكية الخاصة في حالة نزع الملكية المبحث الثاني، دور القضاء في حماية الملكية الخاصة.
المبحث الاول: مظاهر حماية الملكية الخاصة في حالة نزع الملكية للمنفعة العامة.
ADVERTISEMENT
إذا كانت فلسفة التشريع المغربي تقوم على الحفاظ وحماية حق الملكية الخاصة نظرا للأهمية التي يحتلها هذا الحق ضمن النظام القانوني المغربي فإن ذلك يعني بالضرورة أن المساس بهذا الحق لا يمكن أن يتم بدون ضمانات قانونية، حيث حاولت جل التشريعات التي أقرت بنزع الملكية تخويل أقصى ما يمكن من الوسائل والآليات لحماية الملكية الخاصة وضمان حقوق الملاك الخواص لتحصين هذا الحق من أوجه الشطط والانحراف الذي قد يشوب عمل الإدارة. لذا نجد المشرع المغربي وفي إطار خلق توازن حقيقي بين حماية الملكية الخاصة وضمانها وبين حق الدولة في المساس بهذا الحق خدمة للمنفعة العامة؛ قيد نزع الملكية بمجموعة من الضمانات والشروط.
فما هي إذن هذه الضمانات؟ ارتأينا أن نقسم الضمانات الواردة في قانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية إلى نوعين ضمانات موضوعية وضمانات شكلية وهي الإجراءات المسطرية التي يجب على نازع الملكية احترامها.
المطلب الاول: الضمانات الموضوعية
يعتبر قيد نزع الملكية من أخطر القيود التي تلجأ إليها الإدارة لاستيفاء مطالبها واحتياجاتها وذلك لما فيه من طابع الاعتداء على الملكية الخاصة لذلك لا يسوغ لإدارة بموجب قرارات إدارية انفرادية نزع الملكية ما لم يجز لها التشريع ذلك. ولذلك فإن هذا التصرف يجب أن ينفذ تنفيذا دقيقا في حدود القانون وأن تتوافر فيه الشروط التي تسوغ لإدارة القيام به وهي أولا المنفعة العامة وثانيا التعويض العادل.
1-شرط المنفعة العامة
تضم مسطرة نزع الملكية مرحلتين هامتين المرحلة الإدارية وتبتدأ بإصدار قرار إعلان المنفعة العامة وقرار آخر يليه هو قرار التخلي والمرحلة القضائية وخلالها يتم إصدار الحكم بنقل الملكية على أن الأساس الذي تعتمده عملية نزع الملكية هو ارتباطها بمنفعة عامة يستند عليها المشروع المراد إنجازه. فالمنفعة العامة هي صلب ومناط قيد نزع الملكية، وهذا الارتباط الكبير بين نزع الملكية والمنفعة العامة هو الذي حدى بالتشريع المغربي النصر في الفصل الأول من قانون 81-7 على أن نزع ملكية العقارات أو ملكية الحق العينية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة أي أن يرتبط المشروع بمنفعة عامة، ولم يقم التشريع المغربي بإعطاء تعريف دقيق ومحدد للمنفعة العامة تاركا للإدارة سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال.
على أن عدم تحديد هذا الشكل مصدرا للعديد من الانحرافات من جانب السلطة فترك مفهوم المنفعة العامة فضفاضا بهذا الشكل ترك المجال واسعا للإدارة لاختيار النزع في أي مشروع تراه مناسبا.
في حين أن الفقه المغربي تضارب في مفهوم المنفعة العامة فجانب ذهب إلى ترك مفهوم المنفعة دون تعريف دقيق راجع أساس إلى كون مفهوم المنفعة مفهوم نسبي يتغير باستمرار(1).
لكن في الواقع فهذا الموقف تناسى أن نظام نزع الملكية قيد على الملكية الخاصة ومادام الأمر كذلك فالقيد لا يمكن أن يكون إلا استثناء وانطلاقا من ذلك لا يمكن ترك مفهوم المنفعة العامة بدون تحديد فكان من الأجدر أن يضع المشرع المغربي عل الأقل معايير أو ضوابط لتحديد مفهوم المنفعة العامة. كي لا يبقى غامضا ومصدرا لانحراف الإدارة(2) حيث اكتفى ظهير 6 ماي 1982 بالإشارة إلى كل نزع للملكية لا يمكن أن يتم إلا لتجاز أعمال تكتسي طابع المنفعة العامة.
ومن الآثار السلبية لعدم التحديد أن الإدارة تلجأ أحيانا إلى نزع ملكية الخواص تحت ذريعة المنفعة العامة وتقوم بعد ذلك بتفويت هذه العقارات خلافا لقواعد التشريع في هذا المجال. الحقيقة أن إطلاقية هذا المفهوم يشكل وسيلة تتهرب بواسطتها الإدارة من احترام القانون واحترام ما صاغه المشرع في هذا المجال وكما يقول الأستاذ محمد أزغاي " المصلحة العامة مفهوم واسع وغامض يقبل أي تفسير وبهذا الاتباع لا يمكن أن يرتب نتائج قانونية مضبوطة لاسيما وأنه يزداد بازدياد دور الدولة وهذا الغموض هو السبب الرئيسي الذي يفسر كون هذه الفكرة ميدانا خصبا لاستعمال السلطة التقديرية فقد اعتبر الفقه بأن غموض هذه الفكرة هي من مصلحة الإدارة وأن المصلحة العامة وسيلة للهروب من احترام القانون(3)
2-التعويض العادل
إذا كان قيد نزع الملكية للمنفعة العامة يعد إكراها قانونيا على حق الملكية الخاصة بل تعديا على هذا الحق فإن المنطق القانوني يفرض ضرورة إعطاء مقابل لمنزوعي الملكية عن حقوقهم الضائعة وعن الامتيازات التي كانت تخولها فإعطاء تعويض عادل لمنزوعي الملكية يشكل أهم الضمانات المخولة للملكية الخاصة ويشكل مقابلا عن المساس والتعدي على هذا الحق وقد جاء في الفصل الخامس من ظهير 6 ماي 1982 " يباشر طبق الشروط المقررة في هذا القانون إعلان المنفعة العامة والحكم بنقل الملكية إلى نازعها وتحدد التعويض عن نزع الملكية". غير أن ما يعاب على التشريع المغربي أنه لم ينص على عدالة هذه التعويضات غير أن ما يشفع للمشرع إغفال لهذا المبدأ أنه خول القضاء وحده تحديد التعويض النهائي الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تقرير تعويض يناسب الأضرار التي لحقت منزوعي الملكية.
وقد أقر المشرع في هذا الصدد مسطرة دقيقة لتحديد التعويض فوضع مقتضيات قانونية تهم كيفية تحديد التعويض سواء في المرحلة الإدارية أو في المرحلة القضائية. فما هي إذن طريقة تحددي التعويض في التشريع المغربي وما هي العيوب التي مازالت نعتري التشريع في هذا الإطار؟
لقد كانت طريقة تحديد التعويض في ظل ظهير 1914 جد مجحفة في حق منزوعي الملكية وأصحاب الحقوق العينية خاصة الفصل 13 منه الذي كان ينص على أن التعويض يحدد بحسب قيمة العقار قبل إعلان المنفعة العامة أي قبل تاريخ نزع الملكية ثم قيمته قبل النطق بالحكم بنزع الملكية ويحدد التعويض بحسب أصغر القيمتين وقد حاول التشريع المغربي من خلال ظهير 1951 تجاوز هذه العيوب إذ أصبحت القيمة التي تؤخذ بعين الاعتبار من أجل تحديد مبلغ التعويض هي قيمة العقار وقت نشر مقرر التخلي دون أي تاريخ آخر وإذا لم يقم نازع الملكية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ النشر بمحاولة تملك العقار إما عن طريق المراضاة أو عن طريق تقديم طلب إلى القضاء بنقل الملكية فإن تقدير التعويض يتم انطلاقا من القيمة التي كانت للعقار وقت تقديم الطلب القضائي الخاص بنزع الملكية(.4)
وقد حافظ ظهير 6 ماي 1982 على نفس المقتضيات إذ أشار في الفصل 20 منه إلى أن التعويض يحدد حسب قيمة العقار يوم صدور المرسوم المعلن للمنفعة العامة وإذا لم يقم نازع الملكية بالدخول في المرحلة القضائية بعد 6 أشهر من نشر مقر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة فإن تقدير العقار يرجع إلى يوم آخر طلب قضائي ينقل الملكية لكنه من المؤسف أن نجد الهاجس الذي سيطر على التشريع هو الحفاظ على المال العام أكثر من أي شئ أخر وهذا هو الذي أدى به إلى الدفع بتعجيل الإجراءات لكي لا ترتفع قيمة التعويضات دون أي اعتبار لمصالح وحقوق منزوعي الملكية. وقد وضع التشريع المغربي مجموعة من المعايير يتم بواسطتها تحديد التعويض وهي المعايير التي حددها الفصل 20 من ظهير 6 ماي 1982 جاء فيها " يحدد التعويض عن نزع الملكية طبقا للقواعد الآتية:
1- يجب ألا يشمل إلا الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر.
2- يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في التحديد قيمة البناءات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية من نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها".

☻☻☻


لقد اعتبر قانون 81-7 أن الضرر الذي يمكن التعويض عنه أثناء نزع الملكية للمنفعة العامة هو الضرر الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية دون أن يمتد هذا التعويض إلى كل من الضرر غير المحقق والضرر المحتمل والضرر غير المباشر. فتجاهل التشريع المغربي التعويض عن الضرر المستقبلي يشكل إهدارا كبيرا لحقوق منزوعي الملكية للمنفعة العامة. فالأساس الذي ينبغي عليه نظام نزع الملكية هو منح تعويض عادل والعدالة تقتضي أن يتم التعويض عن الأضرار التي لحقت الملكية الخاصة أيا كانت هذه الأضرار مادية، معنوية، حالية، أو مستقبلية ومرد هذا العيب الذي يعتري تشريعنا هو هيمنة هاجس الحفاظ على المال العام والحرص على مرور عملية نزع الملكية بأقل التكاليف وهذا ما أدى إلى إقصاء مجموعة من الأضرار من التعويض والملاحظ أن التشريع الفرنسي تراجع عن الموقف السائد ولم يعد يأخذ بشرط كون الضرر حاليا ومحققا مما فتح المجال لتعويض العديد من الأضرار(5).
خلاصة القول أن المعايير التي وضعها المشرع المغرب لتقدير التعويض لا ترقى إلى مستوى تعويض عادل. والمؤسف أن نجد التشريع المغربي ذهب في أقصى حد إلى حماية المال العام والتضحية بمصالح منزوعي الملكية.
المطلب الثاني: الضمانات الشكلية الضرورة احترام الإجراءات المسطرية
إن نزع الملكية للمنفعة العامة بشكل اعتداء ملاحق الملكية الخاصة لكنه اعتداء أجازه القانون وحدد ضوابطه وأقرته بمسطرة يجب إتباعها وكل خروج أو انحراف عن هذه السلطة يشكل اعتداء ماديا ومساسا خطيرا بحق الملكية.
فالهدف من فرض المشرع إجراءات محددة يجب على الإدارة إتباعها هو حماية منزوعي الملكية من كل انحراف أو شطط يخرج عن الأساس الذي يبني عليه نظام نزع الملكية للمنفعة العامة ولم يفت المشرع أن ينص على ذلك جاء في الفقرة الثانية من الفصل الأول ن قانون نزع الملكية " إن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية... لا يمكن إجراؤه إلا طبقا الكيفيات المقررة في هذا القانون..."
فنزع الملكية لا يمكن أن يتم إلا بموجب مقرر يعلن المنفعة العامة يعين فيه المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها فقد جاء في الفصل السادس من ظهير 6 ماي 1982 فقرة أولى إن المنفعة العامة تعلن بقرار إداري يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها يتم هذا المقرر الإداري بموجب مرسوم يتخذه الوزير الأول بناء على اقتراح من جانب الوزير الذي تتولى وزارته إنجاز المشروع أو الوزير الوصي إذا تعلق الأمر بمؤسسة عمومية أو الوزير الذي يتقارب نشاط وزارته مع المشروع الذي ستنزع الملكية لأجله إذا تعلق الأمر بنزع ملكيته لصالح أحد الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانون الخاص.
ولكي ينتج مقرر المنفعة العامة آثاره نص المشرع في الفصل 8 من ظهير نزع الملكية القاضي بتنفيذ القانون رقم 81-7 أنه لابد وأن يخضع لعملية الإشهار ويتم ذلك في الجريدة الرسمية أولا وفي جريدة أو عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية ويتم كذلك بالتعليق بمكاتب الجماعة التي تقع بها المنطقة المقرر نزع ملكيتها ويمكن لنازع الملكية أن يعزز ذلك بوسائل إشعار أخرى كلما دعت إلى ذلك الضرورة فلا تخفى أهمية الإشهار وإعلام منزوعي الملكية بأن ملكياتهم مهددة بالنزع كي لا يفاجئوا بالأمر وكي يتدبروا أمورهم في البحث عن عقار آخر واتخاذ التدابير اللازمة لسد حاجياتهم نتيجة الارتفاقات التي تنتج عن مقرر المنفعة العامة. وينص الفصل 15 من قانون 81-7 " لا يجوز خلال سنتين من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية إقامة أي بناء أو غرس أو تحسين في العقارات الواقعة داخل المنطقة المحددة في المقرر دون موافقة نازع الملكية" فهذا النص يضع قيدا على الملاك الخواص يكون من الأفيد بل من الضرورة إعلامهم به فلا يمكن أن نتصور أن يفاجأ الفلاح الذي يعيش من حرث أرضه بنزع ملكية عقاره لبناء طريق دون أن يتم إعلامه من قبل كشبكة الطرق السيارة حاليا في المغرب التي احتاج إنجازها نزع ملكية العديد من أراضي الفلاحين. فلا يخفى الوقع الكبير لنزع الملكية على الفلاح الذي يعيش ويعيل أسرته من زراعة أرضه لذا كن لابد وعلى الأقل إشهار عملية النزع كي يخول للملاك تدبير أمورهم.
ويحدد مقرر المنفعة المنطقة اللازمة لإنجاز المشروع والتي يمكن أن تضم بالإضافة إلى العقارات اللازمة لإنجاز المنشآت أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة على الجزء الباقي من هذه العقارات على العقارات المجاورة إذا تبين لها أن نزع ملكيتها ضروري لتحقيق المنفعة العامة.
وإذا كان مقرر المنفعة العامة يحدد فقط المنطقة اللازمة لإنجاز المشروع فإنه أحيانا مباشرة الأملاك التي يشملها نزع الملكية والتي تعين عادة في مقرر آخر يليه يدعى " مقرر التخلي" ويصدر في أجل سنتين يبتدأ من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمية وفي الحالة التي ينصرم فيها هذا الأجل دون أن يتخذ مقرر التخلي تم تحديد قرار إعلان المنفعة العامة ويخضع مرر التخلي لنفس مسطرة الإشهار التي يخضع لها قرار إعلان المنفعة العامة وتجدر الإشارة إلى أنه يجب إجراء بحيث داري قبل اتخاذ القرار الذي تعين فيه الأملاك المراد نزع ملكيتها والذي هو إما قرار إعلان المنفعة العامة وإما قرار التخلي نفسه ويشرع في البحث بنشر مشروع التعييم الذي يتم إشهاره على نطاق واسع بالجريدة الرسمة الجرائد الوطنية وبإيداع في مكتب الجماعة التابع لها العقار ويجب إخبار السلطة المحلية بهذا المشروع مصحوبا بتصميم يوضع العقار أو العقارات المزمع نزع ملكيتها هدف هو إطلاع الملاك أو المعنيين بصفة عامة وتسجيل ملاحظاتهم حول العملية كما يتم إيداع نسخة من قرار التخلي بإدارة المحافظة العقارية التابع لها العقار أو العقارات المقرر نزع ملكيتها ويبادر المحافظ العقاري بتسليم نازع الملكية شهادة تثبت أن قرار التخلي قد تم تسجيله في الرسوم العقارية إذا كانت العقارات محفظة أو في سجل التعرضات إذا كانت في طور التحفيظ.
أما إذا كان الأمر يهم عقارات غير محفظة ولا هي في طور التحفظ فإن يجب على نازع الملكية إيداع نسخة من قرار التخلي بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي توج بدائرتها العقارات المراد نزع ملكيتها. ومن المعلوم أن مخالفة إجراء مسطري معين قد يؤدي إلى إخلال بالمسطرة بكاملها لذا كان لابد على التشريع المغربي وضع جزاء مخالفة كل إجراء مسطري معين والأكيد أن عدم احترام إجراء مسطري في عملية نزع الملكية يؤدي إلى بطلان مسطرة نزع الملكية بكاملها.
فالمشرع المغربي وإن لم ينص على ذلك صراحة فإنه يمكن استنتاج ذلك من خلال صيغة الوجوب الذي جاء بها الفصل الدول ن قانون 81-7 كما أكد الدستور المغربي ذلك من خلال الفصل 15 ف 2: " ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون" وبالتالي فهذه القاعدة المرتبطة بضرورة احترام الإجراءات قاعدة من النظام العام. فالقضاء يمكن أن يثيرها تلقائيا دون طلب من الأطراف.
وعلى العموم ومن خلال إطلاعنا على مختلف الضمانات سواء الموضوعية أو الشكلية منها يتضح لنا مجموعة من العيوب والنقائص. يمكن تلخيصها في غياب مفهوم محدد لشرط المنفعة العامة والطابع الحمائي للمال العام عندما يتعلق الأمر بتحديد التعويض وغياب نص صريح يقضي ببطلان المسطرة عند عدم احترام الإجراءات الشكلية. الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن دور القضاء في هذا الإطار لحماية الملكية عند نزع هذه الأخيرة للمنفعة العامة؟هذا هو موضوع الفقرة الموالية
ADVERTISEMENT
المبحث الثاني: دور القضاء في حماية الملكية الخاصة
يشكل القضاء مصدرا أساسيا لحماية الملكية الخاصة فالسلطة القضائية ظلت ردحا من الزمن حامية للملكية الخاصة من جميع الاعتداءات التي تتعرض لها تتجلى هذه الحماية في رقابة القضاء لأعمال الإدارة فالإدارة ملزمة دائما بالخضوع للقانون في كل الأعمال التي تقوم بها وكل تجاوز للقانون يفسح المجال للقضاء للتدخل لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم.
حيث تشكل رقابة القضاء لأعمال الإدارة في نظام نزع الملكية لمنفعة العامة أحد أهم الضمانات المفروضة في هذا النظام خاصة وأن الإدارة تكون طرفا في هذا الموضوع فهي التي تقوم بنزع الملكية وهي التي تقوم بكتابة الإجراءات اللازمة لاتمام هذه العملية وبالتالي تعد الرقابة القضائية ضمانة حقيقية لمنزوعي الملكية لما تخوله من حماية أكيدة ضد الانتهاكات التي قد تمس الملكية الخاصة. وتتم حماية القضاء للملكية الخاصة في هذا المجال عبر الدعاوي التي يرفعها منزعو الملكية ضد انحرافات نازع الملكية فقد تتمثل في دعوى إلغاء قرار المنفعة العامة أو دعوى التعويض وكذلك الدعوى الرامية إلى وقف الاعتداء المادي.
المطلب الاول: رقابة القضاء على شرط المنفعة العامة
تعد المنفعة العامة مناط نزع الملكية فهي الأساس الذي بني عليه هذا النظام ككل. وأمام عدم وجود مفهوم دقيق لفكرة المنفعة العامة كن لزاما على القضاء أن يوفر رقابة فعالة للمنفعة العامة. وأمام عجز الرقابة العادية لكبح أوجه الإنحراف الذي شاب عمل الإدارة في تقديرها للمنفعة العامة كان من الواجب على القضاء أن يستوعب هذه الأمور ويطور رقابته في هذا الصدد بهدف خلق توازن يوفر حماية حقيقية للملكية الخاصة. وقد مرت رقابة المجلس الأعلى لمقررات المنفعة العامة بمرحلتين ظلت في المرحلة الأولى رقابة ضعيفة وفي مرحلة ثانية عرفت قفزة نوعية تأثره بموقف مجلس الدولة الفرنسي.

☻☻☻


المرحلة الأولى: الرقابة السلبية للقضاء المغربي لشرط المنفعة العامة
لقد تميزت هذه المرحلة بتدخل جد محتشم للقضاء لرقابة عمل الإدارة وقد عمر هذا الموقف منذ قضاء الحماية إذ استقر اجتهاد المحاكم الفرنسية في المغرب على قاعدة مفاده أن تنصب رقابتها على الشكليات التي يحددها القانون فقط. لذلك اقتصرت هذه المحاكم على التحقق من مدى احترام الإدارة للشكليات المحددة قانونا وغالبا ما كانت تبرر موقفها.
انطلاقا من الفصل 8 من ظهير التنظيم القضائي لسنة 1913 الذي كان يمنعها من مراقبة مشروعية القرارات الإدارية المصرحة للمنفعة العامة واقتصرت في مد سلطتها على مراعاة الشكليات ومدى احترام الإدارة للإجراءات المسطرية فقط. وقد أبرزت محكمة الاستئناف بالرباط في أحد قراراتها بتاريخ 31 أكتوبر 1950 (6)" أن المحاكم القضائية هي الحارسة الطبيعية لحق الملكية ولذلك تسهر ما أمكن على التطبيق الدقيق للشكليات المنصوص عليها وأن القرارات المصرحة بالمنفعة العامة والصادرة عن السلطة العامة لا تحتمل الإلغاء أمام مجلس الدولة الفرنسي والبطلان الذي يترتب على عدم تنفيذ الشكليات الموضوعة لأجل ضمان حق الملكية إنما هي من النظام العام لذلك يمكن أن يثار حتى بصفة مباشرة وكيف ما كانت حالة المسكرة".
وأيدت محكمة النقض هذا التوجه إذ اعتبرت سلطة القضاء في مجال نزع الملكية تقتصر على مراقبة الشكليات المنصوص عليها في الفصل الثاني من ظهير 31 غشت 1914 ولا يمكن أن تمتد إلى رقابة مشروعية جوهر القرارات الإدارية(7).
هذا التوجه ظل سائدا في القضاء المغربي إذ ظل المجلس الأعلى يتهرب من الدخول في مناقشة قرارات الإدارة وظلت الدعاوي الموازية المنفذ الوحيد الذي يلجأ إليه المجلس الأعلى لتفادي البث في مشروعية القرارات المعلنة للمنفعة العامة.
وهذا ما نلمس من قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 12 شتنبر 1980 ( 8) حيث أنه بتاريخ 11 أكتوبر 1976 تقدم السيد (أ) إلى المجلس الأعلى بعريضة يطلبان فيها بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء المقرر البلدي المستمر رقم 105 الصادر عن باشا مدينة الناظور والمصادق عليه بتاريخ 19 ماي 1976 من طرف عامل الإقليم وحيث إنه باستطاعتهما المطالبة بالحقوق التي قد تكون لهما في التعويض أمام محاكم الحق العام لهذا فإن طلبهما الرامي إلى إلغاء المقرر المطعون فيه غير مقبول".
وقد غير المجلس الأعلى موقفه هذا تدريجيا في حكم لاحق، البحث في طعن والإلغاء ضد مقرر إعلان المنفعة العامة. جاء في حيثيات القرار " حيث يعيب الطاعن على مقرر المطعون فيه إساءة استعمال السلطة وانعدام سبب نزع الملكية الذي هو المنفعة العامة لكن حيث أنشأت مرآب في العقار المنزوعة ملكيته لاستعمال للمصلحة العامة لمستودع لناقلات الجماعة تكون المنفعة العامة التي يتطلبها القانون لتبرير نزع الملكية متوفرة ولهذا فإن هذا القرار المطلوب إلغاؤه لا يشوبه أي شطط (9)لقد شكل فعلا موقف المجلس الأعلى هذا تحولا إيجابيا في سبيل تفعيل رقابة القضاء على مقررات الإدارة المعلنة للمنفعة العامة. ولو اقتصرت في هذا القرار على رقابة مشروعية قرار نزع الملكية. لكن ما يمكن أن نلاحظـه أنه إلى حد هذه المرحلة لم يقم المجلس الأعلى بإلغاء أي مقرر لنزع الملكية بمعنى أنه لم ترق رقابته في مراحلها الأولى. حتى لمراقبة شرعية قرارات نزع الملكية فكيف لمراقبة ملاءمة قرار نزع الملكية للمنفعة العامة. وأمام هذا الوضع كان لابد على القضاء أن يطور رقابته عبر تعزيز وتطوير وسائل ومجال هذه الرقابة لكي تضمن حماية أكيدة للملكية الخاصة وخلق توازن حقيقي بين مصلحة الأفراد في حماية الملكية الخاصة وحق الدولة في نزع الملكية.
2-المرحلة الثانية: الرقابة الفعالة للقضاء المغربي لشرط المنفعة العامة.

لقد ظلت رقابة القضاء في المغرب لشرط المنفعة العامة إلى حدود سنة 1992 رقابة ضعيفة وضيقة لم ترق إلى حد كبح كل أوجه الانحراف في قرارات الإدارة التي تذرعت في كثير من الأحيان بسلطتها التقديرية. إلا أن الرقابة عرفت تحولا كبيرا من خلال قرار المجلس الأعلى (الغرفة الإدارية بتاريخ 10/12/1992 (10) الذي دشن قفزة نوعية وتطورا كبيرا في رقابة القضاء للسلطة التقديرية للإدارة.
ولأهمية القرار نورد وقائعه : يتعلق الأمر بنزاع بين الشركة العقارية ميموزة ووزارة السكنى، فبعد أن قامت الشركة مالكة العقار المسمى "كاريبا" موضوع الرسم العقاري 8066 بطلب رخصة لإنجاز تجزئة على الأرض المذكورة مساهمة منها في مشروع للتنمية السكنية والقضاء على مدن الصفيح وبعدما قسمت الأرض إلى ثلاثة أجزاء وحصلت بالفعل على الرخصة وحققت التجزئة على القطعة الأولى منفعة مبالغ مالية مهمة وبدأت تحضر في تجهيز القطعة الثانية لكنها فوجئت بصدور مشروع بنزع الملكية عن السيد الوزير فقامت الشركة بالطعن في القرار طالبة إلغاء المرسوم وقضى المجلس الأعلى بإلغاء المرسوم معللا قراره كالآتي:"وحيث أن الإدارة إذا كانت توفر على السلطة التقديرية في خصوص المنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع الملكية فإن ذلك لا يمنع القضاء الإداري من مراقبة مضمون وأغراض المنفعة العامة وما إذا كان المنزوع ملكيته كما هو الحال في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس الأغراض والأهداف بموافقة الإدارة المسبقة".
مما استنتج معه المجلس الأعلى أن المنفعة العامة التي تتذرع بها الإدارة لإصدار المرسوم المطعون فيه قد تحققت بالفعل عبر المشروع الذي أنجزت الطاعنة جزءا هاما منه.
وأضاف في تعليله "حيث يتضح من كل ذلك أن المنفعة العامة التي تتذرع بها الإدارة لإصدار المرسوم المطعون فيه قد تحققت بالفعل عبر المشروع الذي أنجزت الطاعنة طرفا منه باعتراف الإدارة وبموافقتها الواضحة والصريحة مما يجب معه إلغاء المقرر المطعون فيه".يشكل إذن هذا القرار تطورا كبيرا في ميدان حماية الملكية الخاصة فقد غير المجلس الأعلى من أسلوب رقابته للمنفعة بعد أن كان أمر تقديرها متروكا للسلطة التقديرية للإدارة.
ولم يقف تطور هذه الرقابة عن هذا الحد بل واكب ذلك قرارات أخرى أكدت النضج الكبير الذي وصل إليه القضائي في مجال مراقبته لأعمال الإدارة. جاء في قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 07/05/1994(11) :"وحيث إن الاتجاه الحديث في القضاء الإداري لا يكتفي بالنظر إلى المنفعة العامة المتوخاة من نزع الملكية نظرة مجردة بل يتجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به القرار من فائدة، تحقق أكبر قدر من المصلحة العامة وذلك عن طريق الموازنة بين الفوائد التي سيحققها المشروع المزمع إنشاؤه والمصالح الخاصة المتعارضة التي يمسها وبالتالي تقييم قرار نزع على ضوء مزاياه وسلبياته والمقارنة بين المصالح المتعارضة للإدارة والخواطر المنزوع ملكيتهم".
فالمجلس الأعلى من خلال هذا القرار تبنى نظرية الموازنة التي سبق أن طبقها مجلس الدولة الفرنسي منذ 1971 في قضية المدينة الشرقية الجديدة .(12)
والحقيقة أن تبني المجلس الأعلى لهذه النظرية سيمكن القضاء من وسيلة فعالة لرقابة قرارات إعلان المنفعة العامة وحماية الملكية الخاصة من أي تعسف أو شطط.
المطلب الثاني : دور القضاء في منح التعويض العادل
إن نزع الملكية العقارية لا يتم قانونا إلا مقابل تعويض عادل وهذه قاعدة أساسية في نظام نزع الملكية لا محيد عنها.ووصولا لهذه الغاية وضع المشرع مجموعة من الآليات والوسائل، فقد فرض أن يتم تقويم العقار المنزوع من قبل لجنة إدارية تضم متخصصين في ميدان العقار وبتخويل القضاء الحكم بالتعويض، فالإدارة لا يمكنها أن تكون خصما وحكما في نفس الوقت.لذا كان لابد على القضاء التخلص من هاجس المال العام انصياعا لرغبات الإدارة لأن الأمر في الحقيقة يتعلق بتعد على الملكية لا الإضرار والإجحاف بهم أكثر عن طريق إقرار تعويض غير مناسب وغير عادل.إن دور القضاء يتجلى في خلق توازن حقيقي بين مصالح الخواص ومصالح الإدارة في حماية المال العام.
وهكذا أصبح القضاء مؤخرا يسير في منح تعويض عادل، ففي قرار للمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 25نونبر 1997 ( (13)ورد فيه:
"وحيث أن الطرف المدعى عليه في مبلغ التعويض ملتمسا إجراء خبرة لتحديد القيمة الحقيقية للعقار موضوع نزع الملكية وكذا المنشآت القائمة عليه.وحيث أمرت المحكمة بإجراء خبرة فأفاد الخبير بأن الثمن المناسب هو 850 درهم ل م2 وثمن السياج الموجود 10.000 درهم أي ما مجموعه 435.850 درهم. وحيث التمس الطرف المدعي عليه المصادقة على تقرير الخبرة، في حين لاحظت المدعية عدم موضوعيتها والتمست إجراء خبرة مضادة مع استعدادها لدفع التعويض قدره 200 درهم للمتر المربع.

لكن حيث أن بعد اطلاع المحكمة على تقرير الخبرة تبين أنه جاء مستوفيا لكل الشروط الشكلية والموضوعية وراعى كل المعطيات الضرورية لذا ارتأت المصادقة عليه مع تعديله جزئيا فيما يخص ثمن الأرض وذلك بتخفيضه إلى الحد المعقول الذي تراه مناسبا في مبلغ 800 درهم، كما جاء في تقرير الخبرة الأولى فتكون بذلك قيمة الأرض 400.800 درهم وقيمة السياج أي ما مجموعه 400.800 درهم، فقد اعتمدت المحكمة الإدارية في هذا القرار تقرير الخبرة الذي قدمه الخبير والذي قدر فيه قيمة العقار دون أن تعتد بالتعويض الذي حددته الإدارة والذي كان هزيلا و لا يتناسب البتة مع القيمة الحقيقية للعقار والقاعدة التي طبقها هذا القرار هي أن للمحكمة سلطة تقديرية في تحديد ثمن الأرض في إطار دعوى نزع الملكية استنادا لموقع العقار ومزاياه وباقي المعطيات الأخرى

☻☻☻

اعداد: العربي محمدي
طالب باحث بكلية الحقوق اكدال- الرباط-
وحدة القانون المدني المعمق

وفي نفس الاتجاه هناك قرار للمجلس الأعلى صادر عن الغرفة الإدارية (14)ورد فيه:"للمحكمة في إطار سلطتها التقديرية تحديد قيمة المتر المربع للأرض المنزوعة للمصلحة العامة دون التقيد بالقيمة المحددة من طرف الخبير اعتمادا على ثمن بيع مجاورة أساس التقدير هو مساحة الأرض المنزوعة وموقعها وتجهيزها".
وفي هذا القرار تأييد لموقف المحكمة الإدارية السابقة، وجاء في قرار آخر لمجلس الأعلى (15)"أن اعتماد المحكمة على التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم مقابلا عن نزع الملك بدون القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق يكون قرارها غير مرتكز على أساس سليم وواجب الإلغاء".
فكل هذه الأحكام والقرارات تبرز التطور القضائي في ميدان منح تعويضات عادلة والابتعاد عن التعويضات الهزيلة حماية للطرف الضعيف المتمثل في منزوع الملكية.
المطلب الثالث : دور القضاء في دفع الاعتداء المادي
إن الإدارة أو من يقوم مقامها عندما تضع يدها على عقار مملوك ملكية خاصة دون أن تكون معتمدة في عملها على سند قانوني صحيح ودون أن تتبع مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة تكون قد ارتكبت اعتداء ماديا على الملكية الخاصة.
ويرى الفقيه الفرنسي دلو بادير أنه يكون هناك اعتداء مادي "عندما ترتكب الإدارة في حالة قيامها بنشاط مادي ذي طبيعة تنفيذية عدم مشروعية واضح وجسيم من شأنه أن يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات العامة".
فعناصر الاعتداء المادي تتجلى في:
-
ارتباط عمل الإدارة بخطأ جسيم يخرج به عن حدود المشروعية بحيث يجعله منعدم الصلة بوظائف السلطة العامة.
-
أن ينتج عن الاعتداء المادي مساسا كبيرا بحق الملكية وبالحقوق العينية الأخرى وبالحريات الإنسانية.
-
أن يرتبط بإجراء مادي تنفيذي إذ لا يكفي اتخاذ قرار من جانب الإدارة وإنما يجب أن تبادر الإدارة في تنفيذه ماديا أو تشرع في التهييئ لتنفيذه.
وإذا كان القضاء الإداري يعد قضاء الشرعية فإن دفع الاعتداء المادي يعد من صميم مبدأ الشرعية فالقاضي هو حامي الملكية الخاصة وحارسها من كل مساس أو اعتداء من جانب الإدارة أو من يقوم مقامها وقد اضطلع القضاء العادي بهذا الدور قبل نشوء المحاكم الإدارية واليوم وبعد أن أصبحت المحاكم الإدارية صاحبة الولاية العامة في النزاعات الإدارية فإن المحاكم الإدارية بدأت تعتبر نفسها هي المختصة في نزاعات الاعتداء المادي. وهكذا يحق للملاك الخواص طلب حماية القضاء كلما تعرضت حق الملكية لاعتداءات، فعمل الإدارة إذا لم يتم في إطار قانوني سليم يعد عملا ماديا ونزيح عنه طبيعته الإدارية. فإذا استولت الإدارة على عقار مملوك ملكية خاصة دون أن يكون تدخلها مسبقا بقرار تعلن فيه عن المنفعة العامة، يعد هذا اعتداء ماديا وانتهاكا لحق الملكية الخاصة ويحق للقضاء آنذاك طرد الإدارة من العقار مادام إن الإدارة بتصرفها هذا قد قلبت الوضع إلى وضع غير صحيح ويكون للقضاء إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وإرجاع الأمور إلى طبيعتها ووضعها الصحيح.(16)
فصحة كل عمل ترتبط بمدى احترامه لقواعد القانون ومادامت قواعد نزع الملكية للمنفعة العامة من النظام العام، فلا يمكن مخالفتها.
وهكذا ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته (17) "إن إدارة الأملاك المخزنية مسؤولة عن وضع اليد على قطعة أرضية وتحويلها إلى ساحة عمومية دون اتباع مسطرة نزع الملكية ويخول للقضاء إيقاف كل اعتداء مادي من جانب الإدارة".
كما جاء في قرار آخر(18)"إن الدولة مسؤولة عن الضرر الحاصل للمالك باستيلائها على ملكه وإقامتها فيه مؤسسة عمومية دون موافقة ودون سلوك مسطرة القانونية التي يرسمها ظهير 6/5/1982 المتعلق بنزع الملكية". بل ذهب إلى تقرير مسؤولية الدولة في التعويض عن الأضرار الناجمة عن احتلالها ملك الغير في إطار القواعد العامة المقررة في الفصل 79 ق.ل.ع. ويحق لقضاء الاستعجالي في حالة الاعتداء المادي إيقاف هذا الاعتداء وطرد الإدارة من عقار الغير مادام الاستيلاء تم بطريقة غير قانونية.
ففي قرار صادر عن قاضي الأمور المستعجلة(19) في إطار الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق آنذاك بالتنظيم القضائي للمملكة: "وحيث أنه مما لا جدال فيه أن الأشغال التي اتخذت في الأرض موضوع الصك العقاري عدد ... قد وقع القيام بها بدون أن يسبقها صدور قرار يبرر احتلالها مؤقتا أو قرار يحدد توقيف الأعمال. وحيث أن استناد الإدارة على نظرية نزع الملكية غير المباشر لا يمكن أن يعفيها من الإجراءات المذكورة أعلاه أو يعوضها وأن الأعمال التي تقوم بها تكتسي صفة العنف. وحيث ينبغي والحالة هذه إصدار أمر بإيقاف الأعمال"
وخلاصة القول ونحن بصدد استعراض موقف القضاء المغربي من حماية الملكية الخاصة عن نزع الملكية للمنفعة العامة، أن هناك تطور إيجابي على صعيد مراقبة أعمال الإدارة وتقديرها لشرط المنفعة العامة، وقد تأكد الدور القضائي الهام كذلك في الموقف الذي اتخذه في حالة الاعتداء المادي أو فرض طرد الإدارة من العقار المستولى عليه بطريقة غير قانونية رغم ما أثاره من انتقاد اعتمادا على الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية. كما بدأنا نشهد أن التعويضات الممنوحة لمنزوعي الملكية أصبحت تصل إلى حدود معقولة ولم تعد تستجيب لما كانت تحدده الإدارة من تعويضات هزيلة جدا.
------------------------------------
المراجع:
1–
يمثل هذا الموقف: محمد الكشبور: نزع الملكية من أجل المنفعة العامة الاسم القانونية والجوانب الإدارية والقضائية الطبعة الأولى 1989 ص 69.
-
البشير باجي " شرع قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة في ضوء القانون المغربي والقضاء والفقه والتطبيق الطبعة الأولى، الكتاب الأول 1991 ص 114.
2–
عبد العزيز بنجلون les limitations de la propriété foncière en droit public Marocaine 1971 p 29. 
3–
أزغاي محمد " سلطة الإدارة التقديرية"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا شعبة القانون العام عام 1984 أكدال ص 417-418-419.
4–
محمد الكشبور، مرجع سابق، ص 24.
5–
قانون 23 أكتوبر 199-55 الفرنسي المنظم لنزع الملكية للمنفعة العامة
6– Cour d’appel de Rabat de 31 octobre 1950 R.M.D 1957 P : 133.
Cours de cassation 25 juillet 1950 N° 1091 R.T.M 1951 P: 122 
7-
قراروارد في رسالة لنل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص 97-98 أكدال سيدي محمد علوي طاهري بعنوان " نزع الملكية للمنفعة العامة ومظاهر حماية الملكية الخاصة " ص 65. 
8–
قرار المجلس الأعلى عدد 174 بتاريخ 12 شتنبر 1980 ملف عدد 58073.
9–
قرار المجلس الأعلى رقم 217 الصادر بتاريخ 1/10/87 ملف إداري عدد 7250/84 مذكور عند أمينة جبران " القضاء الإداري دعوى القضاء الشامل" المنشورات الجامعية المغاربية PUMAG طبعة 1994 ص 404.
10- -
قرار المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية عدد 378 بتاريخ 10/12/92 ملف عدد 10023.
مذكور في كتاب "القانون الإداري" أمينة جبران وأحمد النجاري، الطبعة الثانية، 1994،ص 259.
11-
قرار المجلس الأعلى رقم 500 صادر بتاريخ 7 ماي 1997. منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية. أنظر الملحق، مرصد الاجتهاد القضائي في مادة نزع الملكية، مجلة القصر العدد الثالث.
12-
عبد العزيز يعكوبي: تطور الرقابة إلى شرط المنفعة العامة في حالة نزع الملكية من خلال نظرية الموازنة م.م للإدارة المحلية والتنمية، عدد 14-15، ص 101.
13-
قرار المحكمة الإدارية بتاريخ 25 نونبر 1997 الرباط. وارد في رسالة سيدي محمد علوي طاهري (م.س) ص 72.
14-
قرار المجلس الأعلى عدد صادر بتاريخ 6/3/97240 الغرفة الإدارية/ملف إداري عدد 939 5/1/96 منشور مجلة رسالة المحاماة عدد 15 ص 85.
15-
قرار المجلس ملف إداري عدد 217/96 بتاريخ 24/10/96 منشور مجلة الإشعاع عدد 15 ص 163.
16-
قرار المجلس الأعلى عدد 345 ملف إداري 54269 قضاء المجلس الأعلى عدد 26 ص 137.
17-
قرار المجلس الأعلى عدد 4 بتاريخ 3 نونبر 1972 مجموعة قرارات المجلس الأعلى 1971/1972 ص 323.
18-
قرار عدد 3224 بتاريخ 1/2/931 ملف مدني 893611 قضاء المجلس الأعلى عدد 47 ص 27
19-
قرار فاتح نونبر 1969 منشور بمجلة المحاماة عدد 4.


1 التعليقات لــ "نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وحماية الملكية الخاصة ."

السلام عليكم نعاني من مشكل نزع منى ملكنا نحن مزدوزين الجنسية نعاني مند السبعينات من هدا المشكل ولا من يراعي ظروفنا لقد راسلت جميع الاداراة ولا حل حثى راسلت السدو العالية سيدنا ومولانا نصره الله وابقاه لنا لكن ولا جواب المرجو توجهوني الى حل لمشكلتي هده ولكم الشكر

ملحوظة :

التدوينات و التعاليق المنشورة في مدونة المادة الإدارية بالمغرب لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع .